و هل سيبعث آباؤنا الأوّلون أيضا؟ أَ وَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ. فمن يستطيع جمعتلك العظام النخرة و أكوام الترابالمتفرّقة المتبقّية من الإنسان؟ و منيتمكّن من إعادة الحياة إليها؟ فهؤلاء ذوي القلوب العمياء نسوا أنّهمكانوا ترابا في اليوم الأوّل، و من الترابخلقوا، و إذ كانوا يشكّكون في قدرة اللّه،فعليهم أن يعرفوا أنّ اللّه كان قد أراهمقدرته، و إن كانوا يشكّكون باستحالةالتراب، فقد أثبت ذلك من قبل، و علاوة علىهذا فإنّ خلق السماوات و الأرض بكلّ هذهالعظمة لا تترك أي مجال للشكّ عند أحد فيقدرة الباري عزّ و جلّ المطلقة.ممّا يذكر أنّ منكري البعث صاغوا أقوالهمبشكل عبارات مؤكّدة (إذ أنّ جملة أَ إِنَّالَمَبْعُوثُونَ هي جملة اسمية استخدمتفيها (إن) و (لام) و التي تأتي كلّ منهماللتأكيد) و ذلك لجهلهم و لجاجتهم.و ممّا يلفت النظر أنّ كلمة (التراب) قدّمتعلى (العظام) و هذا الأمر يحتمل أنّه يشيرإلى إحدى النقاط الثلاث الآتية:أوّلا: إنّ الإنسان بعد وفاته يصير عظامافي بداية الأمر، ثمّ يتحوّل إلى تراب، وبما أنّ إعادة التراب إلى الحياة يعدّشيئا عجيبا، لهذا قدّمت كلمة التراب.ثانيا: عند اندثار أبدان الأموات، فيالبداية تتحوّل اللحوم إلى تراب و تبقىإلى جانب العظام، و لهذا فهناك تراب و عظامفي آن واحد.ثالثا: التراب يشير إلى أجساد الأجدادالأوّلين، و العظام تشير إلى أبدان الآباءو التي لم تتحوّل بعد إلى تراب.ثمّ يردّ القرآن على تساؤلاتهم بلهجةشديدة و عنيفة، عند ما يقول للرسول الأكرمصلّى الله عليه وآله وسلّم: قل لهم: نعمأنتم و أجدادكم ستبعثون صاغرين مهانينأذلّاء، قُلْ نَعَمْ وَ أَنْتُمْداخِرُونَ «1». 1- (داخر) من مادّة (دخر) على وزن فخر (دخور)،و كلتاهما تعطي معنى الذلّة و الحقارة.الآية أعلاه فيها جملة