فهل تتصوّرون أنّ عمليّة إحيائكم والأوّلين تعدّ مستحيلة، أو هي عمل عسيرعلى اللّه القادر و القوي؟ كلّا، فإنّصرخة عظيمة واحدة ممّن كلّفهم اللّهسبحانه و تعالى بذلك كافية لبعث الحياةبمن في القبور، و نهوض الجميع فجأة من دونأيّ تمهيد أو تحضير من قبورهم ليشاهدوابأعينهم ساحة المحشر التي كانوا بهايكذّبون فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌواحِدَةٌ فَإِذا هُمْ يَنْظُرُونَ.(زجرة) مشتقّة من (زجر) و كما أشرنا إليهاسابقا، فإنّها تعني الطرد، و أحيانا تأتيبمعنى الصرخة، و هنا تفيد المعنى الثاني،و هي إشارة إلى النفخة و الصيحة الثانيةلإسرافيل، و التي سنتحدّث بشأنها فيالآيات الأخيرة لسورة الزمر.عبارة (ينظرون) تشير إلى نظر منكري البعثلساحة المحشر و هم مدهوشون، أو النظربعنوان انتظار العذاب، و في كلا الحالتينفإنّ المقصود ليس- فقط- عودتهم إلى الحياة،و إنّما عودتهم إلى الشعور و النظر فورسماعهم الصيحة.و تعبير زَجْرَةٌ واحِدَةٌ مع الالتفاتإلى معنى الكلمتين، يشير إلى أنّ البعثيتمّ بسرعة و على حين غرّة، و إلى سهولتهفي مقابل قدرة الباري عزّ و جلّ، إذ بصرخةواحدة (لملك البعث) المأمور بها تعودالحياة إلى حالتها الاولى.و هنا تتعالى صرخات المشركين المغرورين وتبيّن ضعفهم و عجزهم و عوزهم، و يقولون:الويل لنا فهذا يوم الدين وَ قالُوا ياوَيْلَنا هذا يَوْمُ الدِّينِ.نعم، فعند ما تقع أعينهم على محكمة العدلالإلهي و شهودها و قضاتها، و على علاماتالعقاب فإنّهم- من دون أن يشعروا- يصرخون ويبكون، و يعترفون بحقيقة البعث، الاعترافالذي يعجز عن إنقاذهم من العذاب، أو تخفيفالعقاب الذي ينتظرهم.و هنا يوجّه إليهم الخطاب من الباري عزّ وجلّ أو من ملائكته: نعم، اليوم هو تقديرية هي جوابها، و البقيّة شيء إضافيعليها كي يكتسب القول قاطعية أكثر،فالتقدير سيكون هكذا (نعم إنّكم مبعوثونحال كونكم داخرين).