غلاما. و هنا يقول القرآن: فَلَمَّابَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ.يعني أنّه وصل إلى مرحلة من العمر يستطيعفيها السعي و بذل الجهد مع والده في مختلفامور الحياة و إعانته على أموره.و قال البعض: بأنّ (السعي) هنا يعني العملللّه و العبادة، و بالطبع فإنّ كلمة(السعي) لها مفاهيم و معان واسعة تشمل هذاالمعنى أيضا، و لكنّها لا يقتصر معناهاعليه. و (معه) تدلّ على أنّه كان يساعدوالده في امور الحياة.على كلّ حال، فقد ذهب جمع من المفسّرين:إنّ عمر إسماعيل كان (13) عاما حينما رأىإبراهيم ذلك المنام العجيب المحير، و الذييدلّ على بدء إمتحان عسير آخر لهذا النّبيذي الشأن العظيم، إذ رأى في المنام أنّاللّه يأمره بذبح ابنه الوحيد و قطع رأسه.فنهض من نومه مرعوبا، لأنّه يعلم أنّ مايراه الأنبياء في نومهم هو حقيقة و ليس منوساوس الشياطين، و قد تكرّرت رؤيته هذهليلتين أخريين، فكان هذا بمثابة تأكيد علىضرورة تنفيذ هذا الأمر فورا.و قيل: إنّ أوّل رؤيا له كانت في ليلةالتروية، أي ليلة الثامن من شهر ذيالحجّة، كما شاهد نفس الرؤيا في ليلةعرفة، و ليلة عيد الأضحى، و بهذا لم يبقعنده أدنى شكّ في أنّ هذا الأمر هو مناللّه سبحانه و تعالى.إمتحان شاقّ آخر يمرّ على إبراهيم الآن،إبراهيم الذي نجح في كافّة الامتحاناتالصعبة السابقة و خرج منها مرفوع الرأس،الامتحان الذي يفرض عليه وضع عواطفالابوّة جانبا و الامتثال لأوامر اللّهبذبح ابنه الذي كان ينتظره لفترة طويلة، وهو الآن غلام يافع قوي.و لكن قبل كلّ شيء، فكّر إبراهيم عليهالسّلام في إعداد ابنه لهذا الأمر، حيثقالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِيالْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْما ذا تَرى.الولد الذي كان نسخة طبق الأصل من والده،و الذي تعلم خلال فترة عمره القصيرة الصبرو الثبات و الإيمان في مدرسة والده، رحّببالأمر الإلهي بصدر