إسماعيل لوالده:يا أبت، أحكم من شدّ الحبل كي لا تتحرّكيدي و رجلي أثناء تنفيذك الأمر الإلهي،أخاف أن يقلّل ذلك من مقدار الجزاء الذيسأناله.والدي العزيز اشحذ السكّين جيّدا، وامرره بسرعة على رقبتي كي يكون تحمّل ألمالذبح سهلا بالنسبة لي و لك.والدي قبل ذبحي اخلع ثوبي من على جسدي كيلا يتلوّث بالدم، لأنّي أخاف أن تراهوالدتي و تفقد عنان صبرها.ثمّ أضاف: أوصل سلامي إلى والدتي، و إن لميكن هناك مانع أوصل ثوبي إليها كي يسلّيخواطرها و يهدّئ من آلامها، لأنّها ستشمّرائحة ابنها منه، و كلّما أحسّت بضيقالقلب، تضعه على صدرها ليخفّف الحرقةالموجودة في أعماقها.قربت اللحظات الحسّاسة، فالأمر الإلهييجب أن ينفّذ، فعند ما رأى إبراهيم عليهالسّلام درجة استسلام ولده للأمر الإلهياحتضنه و قبّل وجهه، و في هذه اللحظة بكىالاثنان، البكاء الذي يبرز العواطفالإنسانية و مقدّمة الشوق للقاء اللّه.القرآن الكريم يوضّح هذا الأمر في جملةقصيرة و لكنّها مليئة بالمعاني، فيقولتعالى: فَلَمَّا أَسْلَما وَ تَلَّهُلِلْجَبِينِ «1».مرّة اخرى تطرّق القرآن هنا باختصار، كييسمح للقارئ متابعة هذه القصّة بانشدادكبير.قال البعض: إنّ المراد من عبارة تَلَّهُلِلْجَبِينِ هو أنّه وضع جبين ولده- طبقالاقتراحه- على الأرض، حتّى لا تقع عيناهعلى وجه ابنه فتهيج عنده عاطفة الابوّة وتمنعه من تنفيذ الأمر الإلهي. 1- (تلّه) من مادّة (تلّ) و تعني في الأصلالمكان المرتفع، و (تلّه للجبين) تعني أنّهوضع أحد جوانب وجه ابنه على مكان مرتفع منالأرض.(جبين) تعني أحد جانبي الجبهة أو الوجه، وطرفي الوجه أو الجبهة يقال لهما (جبينان).