على أيّة حال كبّ إبراهيم عليه السّلامابنه على جبينه، و مرّر السكّين بسرعة وقوّة على رقبة ابنه، و روحه تعيش حالةالهيجان، و حبّ اللّه كان الشيء الوحيدالذي يدفعه إلى تنفيذ الأمر و من دون أيتردّد.إلّا أنّ السكّين الحادّة لم تترك أدنىأثر على رقبة إسماعيل اللطيفة.و هنا غرق إبراهيم في حيرته، و مرّرالسكّين مرّة اخرى على رقبة ولده، ولكنّها لم تؤثّر بشيء كالمرّة السابقة.نعم، فإبراهيم الخليل يقول للسكّين:اذبحي، لكنّ اللّه الجليل يعطي أوامرهللسكّين أن لا تذبحي، و السكّين لا تستجيبسوى لأوامر الباري عزّ و جلّ.و هنا ينهي القرآن كلّ حالات الانتظار وبعبارة قصيرة مليئة بالمعاني العميقة وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ قَدْصَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذلِكَنَجْزِي الْمُحْسِنِينَ.إذ نمنحهم توفيق النجاح في الامتحان، ونحفظ لهم ولدهم العزيز، نعم فالذي يستسلمتماما و بكلّ وجوده للأمر الإلهي و يصل إلىأقصى درجات الإحسان، لا يمكن مكافأتهبأقلّ من هذا.ثمّ يضيف القرآن الكريم إِنَّ هذا لَهُوَالْبَلاءُ الْمُبِينُ.عمليّة ذبح الابن البارّ المطيع على يدأبيه، لا تعدّ عمليّة سهلة و بسيطةبالنسبة لأب انتظر فترة طويلة كي يرزقهاللّه بهذا الابن، فكيف يمكن إماتة قلبهتجاه ولده؟ و الأكثر من ذلك استسلامه ورضاه المطلق- من دون أي انزعاج- لتنفيذ هذاالأمر، و تنفيذه كافّة مراحل العملية منبدايتها إلى نهايتها، بصورة لا يغفل فيهاعن أي شيء من الاستعداد لعملية الذبحنفسيا و عمليّا.و الذي يثير العجب أكثر هو التسليم المطلقلهذا الغلام أمام أمر اللّه، إذ استقبلأمر الذبح بصدر مفتوح و اطمئنان يحفّهاللطف الإلهي، و استسلام في مقابل هذاالأمر.لذا فقد ورد في بعض الروايات أنّ جبرئيلهتف «اللّه أكبر» «اللّه أكبر» أثناء