العبادة؟ إلّا أنّنا عند ما نتذكّر إيثار إبراهيمعليه السّلام الذي أراد ذبح أعزّ أعزّائهو أطيب ثمار عمره (إسماعيل) في تلك الأرض فيسبيل اللّه، العملية التي غدت سنّة فيمابعد و بعنوان ذبح الأضاحي في منى، ندركفلسفة هذا العمل.فالذبح إشارة إلى اجتياز كلّ شيء فيسبيل التوجّه إلى اللّه، و هو مظهر لإخلاءالقلب من كلّ شيء عدا ذكر اللّه، و يمكناستمداد التربية الكافية من هذه المناسك،إذا تجسّد لنا مشهد ذبح إسماعيل، ومعنويات الأب و ابنه إسماعيل أثناء عمليةالذبح، و هذا المشهد يجعل معنويات الإنسانتسطع بأنوارها «1».أمّا أثناء توجّهنا إلى رمي الجمرات (و هيثلاثة أعمدة مبنية من الحجر يرميهاالحجّاج أثناء تأديتهم لمراسم الحجّ، و فيكلّ مرّة يرمون سبعة أحجار عليها وفقمراسم خاصّة) فيتبادر إلى أذهاننا السؤالالتالي: ماذا يعني رمي هذا المقدار من قطعالحجارة على عمود من الحجر لا روح فيه؟ وأي مشكلة سيحلّ هذا العمل؟ إلّا أنّنا عند ما نتذكّر أنّها تمثّلجهاد الموحّد إبراهيم ضدّ وساوس الشيطانالذي ظهر له ثلاث مرّات في الطريق، و هومصمّم على أن يثني إبراهيم عن عزمه في ساحةالجهاد الأكبر، و كلّما ظهر له رماهبالحجر، فإنّ محتوى هذه الشعيرة يتوضّحأكثر.فمعنى هذه الشعيرة هو أنّكم طوال فترةعمركم تعيشون في ساحة الجهاد الأكبر ضدّوساوس الشيطان، و إن لم ترموا هذا الشيطانو تبعدوه عنكم فلن تنتصروا أبدا.و إن كنتم تنتظرون أن يشملكم اللّه بلطفهو رحمته، كما شمل إبراهيم بذلك 1- ممّا يوسف له أنّ مراسم ذبح الأضاحي فيعصرنا الحالي لا تتمّ بالشكل المطلوب، ولذا على علماء الإسلام أن يبذلوا الجهدلإنقاذ هذه المراسم العظيمة، و بهذا الشأنو بخصوص فلسفة الحجّ أوردنا بحوثا مفصّلةفي ذيل الآية (38) من سورة الحجّ.