على أيّة حال، فقد عمد إلياس إلى توبيخقومه بشدّة، و قال لهم: اللَّهَ رَبَّكُمْوَ رَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ.إذ أنّ اللّه ملككم و مربّيكم، و كلّ نعمةعندكم فهي منه، و أي مشكلة عندكم تتيسربقدرته فغيره، لا يعدّ مصدرا للخير والبركة، و لا يمكنه دفع الشرّ و البلاءعنكم.الظاهر هنا أنّ المشركين في زمان إلياس،قالوا- كما قال المشركون في زمان نبيّنامحمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم- إنّنانتّبع سنن أجدادنا الأوّلين، فأجابهمإلياس عليه السّلام بقوله: اللَّهَرَبَّكُمْ وَ رَبَّ آبائِكُمُالْأَوَّلِينَ.و استخدام كلمة (ربّ) هنا أفضل منبّه للعقلو التفكير، لأنّ أهمّ قضيّة في حياةالإنسان هي أن يعرف من الذي خلقه؟ و من هومالكه و مربّيه و ولي نعمته اليوم؟ إلّا أنّ قومه اللجوجين و المتكبّرين لميعطوا اذنا صاغية لنصائحه و مواعظه، و لميعبأوا بما يقوله لهدايتهم، و إنّماكذّبوه فَكَذَّبُوهُ.و مقابل تصرفاتهم هذه توعدهم اللّهسبحانه و تعالى بعذابه بعبارة قصيرة جاءفيها: إنّنا سنحضرهم إلى محكمة العدلالإلهي و سنعذّبهم في جهنّم فَإِنَّهُمْلَمُحْضَرُونَ لينالوا جزاء أعمالهمالقبيحة و المنكرة.و لكن يبدو أنّ هناك مجموعة من الأطهارالمحسنين و المخلصين قد آمنوا بما جاء بهإلياس، و لكي لا يضيع حقّ هؤلاء، قال تعالىمباشرة بعد تلك الآية إِلَّا عِبادَاللَّهِ الْمُخْلَصِينَ «1».الآيات الأخيرة من بحثنا استعرضت نفسالقضايا الأربعة التي وردت بحقّ الأنبياءالماضين (نوح، و إبراهيم، و موسى، و هارون)و لأهميّتها نستعرضها مرّة اخرى. 1- وفقا لما ذكرناه أعلاه فإنّ هذاالاستثناء هو استثناء متّصل من (الواو) في«كذّبوه»، و تعني أنّ كلّ قومه كذّبوه وابتلوا بالعذاب الإلهي، عدا عباد اللّهالمخلصين.