حلّ بهم.بحثنا يبدأ بقوله تعالى: وَ إِنَّ لُوطاًلَمِنَ الْمُرْسَلِينَ.و بعد هذا البيان الإجمالي يعمد القرآنإلى التفصيل و يبيّن جوانب من قصّة لوط،حيث قال: تذكر تلك الفترة الزمنية التيأنقذنا فيها لوطا و أهله إِذْ نَجَّيْناهُوَ أَهْلَهُ أَجْمَعِينَ.عدا زوجته العجوز التي جعلناها مع من بقيفي العذاب إِلَّا عَجُوزاً فِيالْغابِرِينَ «1».ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ.الجمل القصيرة- التي وردت أعلاه- تشير إلىتأريخ قوم لوط المليء بالحوادث، و التيورد شرحها في سور (هود) و (الشعراء) و(العنكبوت).«لوط» كسائر الأنبياء بدأ دعوته بتوحيداللّه، ثمّ عمد إلى الجهاد ضدّ الفسادالموجود في المجتمع المحيط به، خاصّة ذلكالانحراف الخلقي المعروف باللواط، و الذيظلّ كوصمة عار لقوم لوط على طول التاريخ.فهذا النّبي العظيم عانى المرارة معقومه، و بذل كلّ ما يمتلك من جهد لإصلاحقومه المنحرفين، و منعهم من الاستمرار فيممارسة عملهم القبيح، و لكن جهوده لم تسفرعن شيء. و عند ما شاهد أنّ أفراد قلائلآمنوا به، قرّر إنقاذ نفسه و إنقاذهم منالمحيط الفاسد الذي يعيشون فيه.و في نهاية الأمر فقد لوط الأمل في إصلاحقومه و عمد إلى الدعاء عليهم، حيث طلب مناللّه سبحانه و تعالى إنقاذه و عائلته،فاستجاب الباري عزّ و جلّ لدعائه و أنقذه وعائلته مع تلك الصفوة القليلة التي آمنتبه، عدا زوجته العجوز 1- (غابر) من مادّة (غبور) على وزن (عبور) وتعني بقايا الشيء، فعند ما تتحرّكمجموعة من مكان ما و يبقى أحد أفرادها هناكيقال له (غابر) و لهذا السبب يقال لمايتبقّى من التراب (غبار)، و لما تبقّى منالحليب في الثدي (غبرة) على وزن (لقمة).