الطريق المؤدّي إلى اللّه ما أَنْتُمْعَلَيْهِ بِفاتِنِينَ «1» إلّا أولئكالذين يريدون أن يحترقوا في نار جهنّمإِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ.هذه الآيات- خلافا لما يتصوّره أتباع مذهبالجبر- دليل ضدّ هذا المذهب، و هي إشارةإلى أنّه لا يعذر أي أحد انحرف عن الطريقالمستقيم، مدّعيا أنّه قد خدع، و انحرافهو عبادته للأوثان بسبب هذه الوساوس، و لذاتقول الآيات المباركة، أنتم- المشركون- لاقدرة لديكم على إضلال الأشخاص و خداعهم،إلّا إذا كان أولئك يتّجهون بإرادتهم نحوصراط الجحيم.و عبارة صالِ الْجَحِيمِ شاهد على الكلامالمذكور أعلاه، لأنّ كلمة (صالي) جاءتبصيغة اسم الفاعل، و عند ما تستخدم أي كلمةبصيغة اسم الفاعل بشأن موجود عاقل فإنّهاتعطي مفهوم تنفيذ العمل بإرادته وإختياره، مثل (قاتل) و (جالس) و (ضارب)، إذنفإنّ صالِ الْجَحِيمِ تعني رغبة الشخص فيالاحتراق بنار جهنّم، و بهذا تغلق كافّةطرق الأعذار أمام كلّ المنحرفين.و الذي يثير العجب أنّ بعض المفسّرينالمعروفين فسّروا الآية بالمعنى التالي:(إنّكم لا تستطيعون خداع أحد، إن لم يكنمقدّرا له الاحتراق بنار جهنّم).إن كان حقّا هذا هو معنى الآية، فلم يبعثالأنبياء؟ و لأي سبب تنزل الكتب السماوية؟و ما معنى محاسبة و لوم و توبيخ عبدةالأوثان يوم القيامة التي نصّت عليهاالآيات القرآنية؟ و أين ذهب عدل الباريعزّ و جلّ؟ نعم، يجب قبول هذه الحقيقة، و هي انّالإقرار بمبدإ الجبر ضدّ مبدأ الأنبياء 1- التركيب النحوي لهذه الآية و التيتسبقها و الاخرى التي تأتي بعدها، و كما هومشهور كذلك، (ما) في جملة (ما تعبدون) هي (ما)الموصولة معطوفة على اسم أنّ، و جملة ماأَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ خبرها. و(ما) في (ما أنتم) نافية، و ضمير (عليه) يعودعلى اللّه سبحانه و تعالى، و في مجموعهانحصل على ما يلي (إنّكم و آلهتكم التيتعبدونها لا تقدرون على إضلال أحد علىاللّه بسببها إلّا من يحترق بنار الجحيمبسوء إختياره).و البعض الآخر اعتبر الآية فَإِنَّكُمْوَ ما تَعْبُدُونَ كلاما تامّا مستقلا وتعني أنّكم و آلهتكم، ثمّ تقول في الآيةالتالية: ما أنتم بحاملين على عبادة ماتعبدونه إلّا من هو صالّ الجحيم.