و هناك احتمال آخر لتفسير هذه العبارة، وهو أنّ اللّه سبحانه و تعالى أعطى داودمنطقا قويّا يدلّل على سمو و عمق تفكيره، ولم يكن هذا خاصّا بالقضاء و حسب، بل في كلّأحاديثه.حقّا، ليس من المفروض أن ييأس أحد من لطفاللّه، اللّه الذي يستطيع أن يعطي الإنساناللائق و المناسب كلّ تلك القوّة و القدرة.و هذه ليست مواساة للنبي الأكرم والمؤمنين في مكّة الذين كانوا يعيشون فيتلك الأيّام تحت أصعب الظروف و أشدّها، بلمواساة لكلّ المؤمنين المضطهدين في كلّمكان و زمان.بحث الصفات العشر لداود عليه السّلام:ذكر بعض المفسّرين من الآيات محلّ البحثعشر مواهب إلهيّة عظيمة كانت لداود عليهالسّلام تعكس مقام هذا النّبي و منزلتهالعظيمة من جهة، و تعكس خصائص الإنسانالكامل من
جهة اخرى:
1- اللّه سبحانه و تعالى يأمر نبي الإسلامو الرحمة محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّمرغم مكانته العالية بأن يتّخذ من داودأسوة له في تحمّل الصبر اصْبِرْ عَلى مايَقُولُونَ وَ اذْكُرْ.2- القرآن وصف داود بالعبد، و في الحقيقةأنّ أهمّ خصوصية لداود هي عبوديته للّه،قال تعالى: عَبْدَنا داوُدَ و نقرأ شبيههذا المعنى بشأن رسول اللّه صلّى اللهعليه وآله وسلّم في مسألة المعراجسُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ ...(الإسراء- 1).3- امتلاكه للقدرة و القوّة (في طاعةالباري عزّ و جلّ و الاحتراز عن ارتكابالمعاصي و حسن تدبيره لشؤون مملكته) ذَاالْأَيْدِ و جاءت أيضا بشأن رسول اللّهصلّى الله عليه وآله وسلّم هُوَ الَّذِيأَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ. «1» 1- الأنفال، 62.