أمواج هذه الضجّة من القوّة بحيث جرفتمعها بعض المفسّرين، و جعلتهم يحكمونبشيء غير مقبول، و يقولون ما لا يليقبهذا النّبي الكبير.و في هذا المجال نحاول بيان مفهوم الآياتدون شرح و تفصيل كي يفهم القارئ الكريممفهوم الآيات بذهنية صافية، و بعدالانتهاء من تفسيرها باختصار نتطرّق إلىالآراء المختلفة التي قيلت بشأنها. وتتمّة للآيات السابقة التي استعرضتالصفات الخاصّة بداود و النعم الإلهيّةالتي أنزلها الباري عزّ و جلّ عليه، يبيّنالقرآن المجيد أحداث قضيّة عرضت على داود.ففي البداية يخاطب القرآن المجيد الرّسولالأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم: وَ هَلْأَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْتَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ.(الخصم) جاءت هنا كمصدر، و أكثر الأحيانتطلق على الطرفين المتنازعين، و تستعملهذه الكلمة للمفرد و الجمع، و أحيانا تجمععلى (خصوم).(تسوّروا) مشتقّة من (سور) و هو الحائطالعالي الذي يبنى حول البيت أو المدينة، وتعني هذه الكلمة في الأصل القفز أو الصعودإلى الأعلى.«محراب» تعني صدر المجلس أو الغرفالعليا، و لأنّها أصبحت محلا للعبادة أخذتدريجيّا يطلق عليها اسم المعبد. و تصطلحاليوم على المكان الذي يقف فيه إمامالجماعة لأداء مراسم صلاة الجماعة، و فيالمفردات، نقل عن البعض أنّ سبب إطلاقكلمة «المحراب» على محراب المسجد، هولكونه مكانا للحرب ضدّ الشيطان و هوىالنفس.على أيّة حال، فرغم أنّ داود عليه السّلامكان محاطا بأعداد كبيرة من الجند و الحرس،إلّا أنّ طرفي النزاع تمكّنا- من طريق غيرمألوف- تسوّر جدران المحراب، و الظهورأمام داود عليه السّلام فجأة، ففزع عندرؤيتهما، إذ دخلا عليه بدون استئذان و مندون إعلام مسبق، و ظنّ داود عليه السّلامأنّهم يكنّون له السوء، إِذْ دَخَلُواعَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ.