اللعبة كان قتله، فقد غضب و صمّم علىالانتقام منهما، و لم يمض إلّا وقت قصيرحتّى ندم داود على تصميمه هذا و استغفراللّه «1».يقول العلّامة الطباطبائي في تفسيرالميزان (و أكثر المفسّرين تبعا للرواياتإنّ هؤلاء الخصم الداخلين على داود عليهالسّلام كانوا ملائكة أرسلهم اللّهسبحانه إليه ليمتحنه، و ستعرف حالالروايات لكن خصوصيات القصّة كتسوّرهمالمحراب و دخولهم عليه دخولا غير عاديبحيث أفزعوه، و كذا تنبّهه بأنّه إنّماكان فتنة من اللّه له و ليس واقعة عادية، وقوله تعالى بعد: فَاحْكُمْ بَيْنَالنَّاسِ بِالْحَقِّ وَ لا تَتَّبِعِالْهَوى الظاهر في أنّ اللّه ابتلاه بماابتلي لينبّهه و يسدّده في خلافته و حكمهبين الناس، كلّ ذلك يؤيّد كونهم منالملائكة و قد تمثّلوا في صورة رجال منالإنس.(و المقصود من التمثّل هو عدم وجود هؤلاءالأشخاص واقعا و في الخارج، بل أنّ ذلكانعكس في ذهن داود و في إدراكه).و على هذا فالواقعة تمثّل فيه الملائكة فيصورة متخاصمين لأحدهما نعجة واحدة،يسألها آخر له تسع و تسعون نعجة، و سألوهالقضاء فقال لصاحب النعجة الواحدة: (لقدظلمك) إلخ و كان قوله عليه السّلام- لو كانقضاء منجزا- حكما منه في ظرف التمثّل، كمالو كان رآهم فيما يرى النائم فقال لهم ماقال و حكم فيهم بما حكم، و من المعلوم أن لاتكليف في ظرف التمثّل، كما لا تكليف فيعالم الرؤيا و إنّما التكليف في عالمناالمشهود، و هو عالم المادّة، و لم تقعالواقعة فيه، و لا كان هناك متخاصمان و لانعجة و لا نعاج إلّا في ظرف التمثّل، فكانتخطيئة داود عليه السّلام في هذا الظرف منالتمثّل و لا تكليف هناك، كخطيئة آدم عليهالسّلام في الجنّة من أكل الشجرة قبلالهبوط إلى الأرض و تشريع الشرائع و جعلالتكاليف، و استغفاره و توبته ممّا صدرمنه كاستغفار آدم و توبته ممّا صدر منه، وقد صرّح اللّه بخلافته في 1- تفسير (الفخر الرازي) و (روح المعاني)ذكرا هذا الأمر كتوجيه و إرشاد، فيما وافق(المراغي) في تفسيره على هذا الأمر.