فقط؟ بينما جميع الموجودات تشترك في هذاالفقر؟ و الجواب: إذا كان الإنسان- الذي يعتبرسيّد المخلوقات- غارقا في الحاجة و الفقرإلى اللّه، فإنّ حال بقيّة الموجوداتواضحة، و بتعبير آخر فإنّ بقيّة الموجوداتتشترك مع الإنسان في الفقر الذي هو «إمكانالوجود».و تخصيص الحديث في الإنسان إنّما هو لأجلكبح جماح غروره، و إلفات نظره إلى حاجتهإلى اللّه في كلّ حال، و في كلّ شيء و كلّمكان، ليكون ذلك أساس الصفات الحسنة والفضائل و الملكات الأخلاقية، ذلكالالتفات الذي يؤدّي إلى التواضع و تركالظلم و الغرور و الكبر و العصبية و البخلو الحرص و الحسد، و يبعث على التواضع أمامالحقّ.و لتأكيد هذا الفقر و الحاجة في الإنسانيقول تعالى في الآية التالية: إِنْ يَشَأْيُذْهِبْكُمْ وَ يَأْتِ بِخَلْقٍجَدِيدٍ.و عليه فهو سبحانه و تعالى ليس بحاجةإليكم أو إلى عبادتكم، و إنّما أنتمالفقراء إليه.و هذه الآية شبيهة بما ورد في الآية (133) منسورة الأنعام حيث يقول تعالى:وَ رَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِإِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ ما يَشاءُكَما أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِقَوْمٍ آخَرِينَ.فهو تعالى ليس محتاجا لطاعتكم و لا خائفامن معصيتكم، و في نفس الوقت فإنّ رحمتهالواسعة تشملكم جميعا، و لا ينقص من عظمتهشيئا ذهاب العالم بأسره، كما أنّ خلق هذاالعالم لا يضيف إلى مقام كبريائه شيئا.و في الآية الثالثة أيضا يعود التأكيدمرّة ثانية فيقول تعالى: وَ ما ذلِكَ عَلَىاللَّهِ بِعَزِيزٍ نعم، فإنّما أمره إذاأراد شيئا أن يقول له كن فيكون، و هذا يصدقعلى جميع عالم الوجود.على كلّ حال، فإنّه تعالى إذا أمركمبالإيمان و الطاعة و العبادة فإنّما ذلك