و هنا شمل البارئ عزّ و جلّ أيّوب عليهالسّلام مرّة اخرى بألطافه و رحمته، و ذلكعند ما أوجد حلّا لهذه المشكلة المستعصيةعلى أيّوب وَ خُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاًفَاضْرِبْ بِهِ وَ لا تَحْنَثْ.«ضغث» تعني ملء الكفّ من الأعوادالرقيقة، كسيقان الحنطة و الشعير أو الوردو ما شابهها.و عن الأمر الذي أنكرته زوجة أيّوب علىزوجها و التي تدعى (ليا) بنت يعقوب، فقداختلف المفسّرون في تفسيره ...فقد نقل عن (ابن عبّاس) أنّ الشيطان ظهربصورته الطبيعية لزوجة أيّوب، و قال لها:إنّي أعالج زوجك بشرط أن تقولي حينمايتعافى: إنّي الوحيد الذي كنت السبب فيمعافاته، و لا أريد أيّ اجرة على معالجته... الزوجة التي كانت متألّمة و متأثّرةبشدّة لاستمرار مرض زوجها وافقت علىالاقتراح، و عرضته على زوجها أيّوب فيمابعد، فتأثّر أيّوب كثيرا لوقوع زوجته فيشرك الشيطان، و حلف أن يعاقب زوجته.و قال البعض إنّ أيّوب بعث زوجته لمتابعةعمل ما، فتأخّرت في العودة إليه، فتأثّرأيّوب الذي كان يعاني من آلام المرض، و حلفأن يعاقب زوجته.على أيّة حال، فإنّ زوجته كانت تستحقّالجزاء من هذا الجانب، أمّا من جانبوفائها و خدمتها أيّوب طوال فترة مرضهفإنّه يجعلها تستحقّ العفو أيضا.حقّا إنّ ضربها بمجموعة من سيقان الحنطةأو الشعير لا تعطي مصداقا واقعيا لحلفه، ولكنّه نفّذ هذا الأمر لحفظ احترام اسماللّه، و الحيلولة دون إشاعة مسألة انتهاكالقوانين، و هذا الأمر ينفّذ فقط بشأنالطرف الذي يستحقّ العفو، و في المواردالاخرى التي لا تستحقّ العفو لا يجوز لأحدالقيام بمثل هذا العمل «1». 1- نظير هذا المعنى ورد في باب الحدودالإسلامية و تنفيذها بحقّ المرضىالمذنبين (كتاب الحدود أبواب حدّ الزنا).