بفعلتهم هذه عن حقيقة أنفسهم، و كمالاحظنا فإنّ أيّوب كان يتألّم من جراحألسنتهم أكثر من تألّمه من مرضه، و الشعرالمعروف يقول:
جراحات السنان لها التيام و لا يلتام ماجرح اللسان
و لا يلتام ماجرح اللسان و لا يلتام ماجرح اللسان
جراح الكلام ليس لها التئام.و- أحبّاء اللّه ليسوا من يذكر اللّه عندالرخاء، و إنّما أحبّاء اللّه الواقعيونهم أولئك الذين يذكرون اللّه دائما فيالسرّاء و الضرّاء، و في البلاء و النعمة،و في المرض و العافية، و في الفقر و الغنى،و إنّ تأثيرات الحياة الماديّة لا تتركعلى إيمانهم و أفكارهم أدنى أثر.قال أمير المؤمنين عليه السّلام في خطبتهالخاصّة بوصف المتّقين التي بيّنهالصاحبه المخلص «همام» و استعرض فيها أكثرمن (100) صفة للمتّقين، قال في إحدى تلكالصفات:«نزلت أنفسهم منهم في البلاء كالتي نزلتفي الرخاء».ز- هذه القصّة أكّدت مرّة اخرى حقيقة أنّفقدان الإمكانات الماديّة، و نزولالمصائب، و حلول المشاكل و الفقر، لا تعنيعدم شمول الإنسان بلطف البارئ عزّ و جلّ،كما أنّ امتلاك الإمكانات الماديّة ليسدليلا على بعد الإنسان عن اللّه سبحانه وتعالى، و إنّما يمكن أن يكون الإنسان عبدامقرّبا للّه مع امتلاكه للكثير منالإمكانات الماديّة، بشرط أن لا يكون عبدالأمواله و أولاده و مقامه الدنيوي، و إنّفقدها لا يفقد الصبر معها.2- أيّوب عليه السّلام في القرآن و التوراة رغم أنّ البارئ عزّ و جلّ أشاد بالروحالكبيرة لهذا النّبي الكبير الذي هو مظهرالصبر و التحمّل في قرآنه المجيد في أوّلالقصّة الخاصة به و في آخرها. فإنّ قصّةهذا النّبي الكبير- ممّا يؤسف له- لم تحفظمن أيدي الجهلة و الأعداء، حيث دسّوا فيهاخرافات تافهة لا تليق بمقامه المحمودالمنزّه عنها و المطهّر منها، و من تلك