ص وَ الْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ.فالهدف هو إيقاظ الأفكار، و رفع المستوىالعلمي، و زيادة قوّة المقاومة و الصمودلدى المسلمين الذي نزلت إليهم هذه الآيات«1».ثمّ أخرجت الأمور من طابعها الخاصّ و بيانأوضاع و أحوال الأنبياء، إلى طابعهاالعامّ، لتشرح بصورة عامّة مصيرالمتّقين، إذ تقول: وَ إِنَّلِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ «2».بعد هذه الآية القصيرة ذات المعانيالخفيّة و التي توضّح تماما حال المتّقينبصورة مختصرة، يعمد القرآن المجيد مجدّداإلى اتّباع أسلوبه الخاص، و هو أسلوبالإيجاز و التفصيل، ليشرح ما فاز بهالمتّقون جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةًلَهُمُ الْأَبْوابُ «3».«جنّات» إشارة إلى حدائق الجنّة، و (عدن)تعني الاستقرار و الثبات، و لهذا اطلق علىالمنجم الذي تحوي أعماقه أنواع الفلزات والمواد الثمينة كلمة (معدن).و على أيّة حال فالعبارة هنا تشير إلىخلود حدائق الجنّة.و عبارة مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُإشارة إلى أنّهم لا يتكلّفون حتّى بفتحأبواب الجنّة، إذ أنّها تنفتح بدون عناءلاستقبال أهل الجنّة، إذ أنّ الجنّةبانتظارهم، و عند ما تراهم تفتح لهمأبوابها و تدعوهم للدخول إليها.ثمّ تبيّن الهدوء و السكينة التي تحيطبأهل الجنّة، إذ تقول: مُتَّكِئِينَ فِيهايَدْعُونَ فِيها بِفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرابٍ «4». أي إنّهم متكئون على سرر فيها،و قد هيّئت 1- مجموعة من المفسّرين اعتبرت (هذا ذكر)إشارة إلى أنّ كلّ ما قيل بشأن الأنبياء منذكر خير و ثناء جميل كان إشارة إلى أولئك،فيما تستعرض الآيات التالية مرتبتهم فيالآخرة، و لكن هذا المعنى مستبعد، و ظاهرالآيات لا يتناسب مع ما ذكرناه أعلاه.2- «مآب» تعني المرجع، و إضافة (حسن) إلى(مآب) من قبيل إضافة الصفة إلى الموصوف.3- «جنّات عدن» بدل أو عطف بيان (مآب).4- الضمير (فيها) يعود في كلا الحالتين على(جنّات عدن) و وصف الفاكهة بأنّها كثيرةدليل على وصف (الشراب) بهذا الوصف. (متكئين)حال للضمير (لهم).