الإنسان) و لكن ليس هناك في مفهوم هذهالكلمة ما يدلّ على هذا المعنى، غيرمقارنتها بالحميم و هو الماء الحارّالشديد الحرارة، و هذه المقارنة قد تكونمنشأ هذا الاستنباط.و قال الراغب في مفرداته: إنّ (غسّاق) تعنيالقيح الذي يسيل من جلود أهل جهنّم و منالجراحات الموجودة في أجسامهم.و لا بدّ أن يكون لونه الغامق هو السبب فيإطلاق هذه الكلمة عليه، لأنّ الذي يحترقفي نار جهنّم لا يبقى منه سوى هيكل محروقوقيح أسود اللون.على أيّة حال، فإنّ ما يستشفّ من بعضالكلمات هو أنّ (غسّاق) تعني الرائحةالكريهة النتنة التي تزعج الآخرين.و فسّره البعض الآخر بأنّه أحد أنواعالعذاب الذي لم يطلع عليه أحد سوى اللّه، وذلك لأنّهم ارتكبوا ذنوبا و مظالم شديدةلم يطلع عليها أحد سوى اللّه، فلذلك جعلعقوبتهم سريّة و غير معروفة، مثلما وعدالبارئ عزّ و جلّ المتّقين بنعم لم يكشفعنها و أخفاها عنهم، لإخفائهم أعمالاصالحة كانوا يقومون بها في الحياة الدنيا،و ذلك ما ورد في الآية (17) من سورة السجدة:فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْمِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ.آيات بحثنا تشير مرّة اخرى إلى نوع آخر منأنواع العذاب الأليم وَ آخَرُ مِنْشَكْلِهِ أَزْواجٌ «1». أي أنّ هناك عذابآخر غير ذلك العذاب.«أزواج» تعني الأنواع و الأقسام، و هذهإشارة موجزة إلى أنواع اخرى من العذاب لاتختلف عن أنواع العذاب السابقة، و لكنآيات القرآن لم تفصح هنا عن أنواعها و قدلا يستطيع أحد في هذه الدنيا فهمها وإدراكها.و في الحقيقة فإنّ هذه تقابل عبارةبِفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ الواردة في الآياتالسابقة، 1- (آخر) هي صفة لموصوف محذوف يكون مبتدأ و(أزواج) مبتدأ ثان، و (من شكله) خبرها، وتقديرها (و عذاب آخر أزواج من شكله).