«القرآن الكريم» و الألف و اللام فيه«للعهد». و القول بأنّ المراد هو الإشارةللكتب السماوية، و أنّ اللام هنا «للجنس»يبدو بعيد الاحتمال، و ليس فيه تناسب مع ماورد في الآيات السابقة.التعبير بـ «الإرث» هنا و في موارد اخرىمشابهة في القرآن الكريم، لأجل أنّ«الإرث» يطلق على ما يستحصل بلا مشقّة أوجهد، و اللّه سبحانه و تعالى أنزل هذاالكتاب السماوي العظيم للمسلمين هكذا بلامشقّة أو جهد.لقد وردت روايات كثيرة هنا من أهل البيتعليهم السّلام في تفسير عبارة الَّذِينَاصْطَفَيْنا بالأئمّة المعصومين عليهمالسّلام «1».هذه الروايات- كما ذكرنا مرارا- ذكرلمصاديق واضحة و في الدرجة الاولى.و لكن لا مانع من اعتبار العلماء والمفكّرين في الامّة، و الصلحاء والشهداء، الذين سعوا و اجتهدوا في طريقحفظ هذا الكتاب السماوي، و المداومة علىتطبيق أوامره و نواهيه، تحت عنوانالَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا.ثمّ تنتقل الآية إلى تقسيم مهمّ بهذاالخصوص، فتقول: فَمِنْهُمْ ظالِمٌلِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِاللَّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُالْكَبِيرُ.ظاهر الآية هو أنّ هذه المجامع الثلاثة هيمن بين الَّذِينَ اصْطَفَيْنا أي:ورثة و حملة الكتاب السماوي.و بتعبير أوضح، إنّ اللّه سبحانه و تعالىقد أوكل مهمّة حفظ هذا الكتاب السماوي،بعد الرّسول الأكرم صلّى الله عليه وآلهوسلّم إلى هذه الامّة، الامّة التياصطفاها اللّه سبحانه، غير أنّ في تلكالامّة مجاميع مختلفة: بعضهم قصّروا فيوظيفتهم العظيمة في حفظ هذا الكتاب والعمل بأحكامه، و في الحقيقة ظلمواأنفسهم، و هم مصداق ظالِمٌ لِنَفْسِهِ.و مجموعة اخرى، أدّت وظيفتها في الحفظ والعمل بالأحكام إلى حدّ كبير، و إن 1- راجع تفسير نور الثقلين، المجلّد 4،صفحة 361.