وهابیة فی المیزان نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
اقول إن هنا قرائن شاهدة على أنّ اليهود و النصارى كانوا يتّخذون قبور أنبيائهم قبلةً لهم تَصْرفهم عن التوجّه إلى القبلة الواجبة، و أكثر من ذلك... كانوا يعبدون أنبياءهم بجوار قبورهم بدَل أن يعبدوا اللّه الواحد القهار، أو كانوا يجعلون أنبياءهم شركاء مع اللّه سبحانه في العبادة.فإذا كان المعنى ـ في تلك الأحاديث ـ أن لا تتخذوا قبور الصالحين قبلة لكم، أو: لا تجعلوهم شركاء مع اللّه تعالى في العبادة، فلا يمكن الاستدلال ـ بأىّ وجه ـ على حرمة البناء على قبورهم أو عندها، لأنّ الزائرين لا يتّخذون تلك القبور قبلة لهم و لا يعبدونهم ولا يجعلونهم شركاء في العبادة، بل كلّهم مؤمنون باللّه موحّدون له، و يتوجّهون ـ في صلواتهم ـ إلى الكعبة المقدَّسة، و الهدف من بناء المسجد عند تلك القبور هو التبرّك بالأرض الّتي احتضنت أجسادهم الطاهرة.فالمهم هو أن يثبت لنا أنّ هدف هذه الأحاديث من عدم اتخاذ القبور مساجد هو ما ذكرناه، وإليك القرائن الدالَّة على ذلك:1ـ الحديث المذكور في صحيح مسلم ـ و هو الحديث رقم 4 ـ يُوضّح الأحاديث الأُخرى، فحينما قالت أُمّ حبيبة و أُمّ سلمة ـ زوجتا النبىَّ ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ بأنّهما رأتا تصاوير النبي في إحدى كنائس الحبشة، قال النبي:«إنّ أُولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات، بنُوا على قبره مسجداً وصوَّروا فيه تلك التصاوير...».فالهدف من وضع صوَر الصالحين بجوار قبورهم إنّما كان لأجل السجود عليها و على القبر، بحيث يكون القبر و الصورة قبلة لهم، أو كانتا كالصنم المنصوب يُعبدان و يُسجدان لهما.إنّ هذا الاحتمال ـ اللائح من هذا الحديث ـ ينطبق مع ما عليه المسيحيّون من عبادة المسيح ووضْع التصاوير و التماثيل المجسّمة له و للسيّدة مريم ـ عليهما السلام ـ .و مع هذا المعنى فلا يمكن الاستدلال بهذهِ الأحاديث على حرمة بناء المسجد على قبور الصالحين أو بجوارها من دون أن يكون في ذلك أىّ شيء يوحي بالعبودية، كما عليه المسيحيّون.2ـ يروي أحمد بن حنبل في مسنده و مالك بن أنس في «الموطّأ» تتمّة لهذا الحديث، و هو أنّ