وهابیة فی المیزان نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
3ـ إنّ التأمّل في حديث عائشة ـ الحديث الثاني ـ يزيد في توضيح هذه الحقيقة، حيث إنّها بعد الرواية عن رسول اللّه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ تقول:«لو لا ذلك لأبرزوا قبره، غير أنّي أخشى أن يُتَّخذ مَسجَداً».و نتساءل: إقامة الجدار حول القبر يمنع عن أىّ شيء؟من الثابت أنّ الجدار يمنع من الصلاة على القبر نفسه و أن يتّخذ وَثناً يُعبد، و على الأقل لا يكون قبلة يُتوجَّه إليها.أمّا الصلاة بجوار القبر ـ من دون عبادة القبر أو جعْله قبلة للعبادة ـ فلا يمنع منها، سواء أكان هناك حاجز يحجز القبر عن الرؤية أم لا، و سواء أكان القبر بارزاً أم لا، و ذلك لأنّ المسلمين ـ منذ أربعة عشر قرناً ـ يُصلّون بجوار قبر رسول اللّه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ في حين أنّهم يتوجّهون إلى الكعبة و يعبدون اللّه تعالى، فوجود الحاجز لم يمنع من هذا كلّه.و الخلاصة: أنّ تتمّة الحديث الثاني ـ الّتي هي من كلام عائشة ـ تُوضّح معنى الحديث، لأنّها تذكر السبب الّذي منع من إبراز قبر رسول اللّه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ بأنّه للحيلولة دون اتّخاذه مسجداً، و لهذا أُقيم الجدار الحاجز حول القبر الشريف.فالحاجز يمنع من شيئين:1ـ من أن يتحوَّل القبر إلى وثن يقف الناس بين يديه يعبدونه، فمع وجود الحاجز لا يمكن رؤية القبر فلا يمكن اتّخاذه وثناً للعبادة.2ـ من أن يُتَّخذ قبلة، ذلك لأنّ اتّخاذه قبلة فرع رؤيته.فإن قال قائل: إنّ الكعبة قبلة للمسلمين في حين أنّ أكثر المسلمين لا يرونها وقت العبادة.