فأما التوكيل في استيفائها فإنه يجوزأيضا، وليس من شرط استيفائها حضور الموكل لأنه لا مانع منه، وفي الناس منقال: لا يصح إلا بحضرة الموكل.فأما حدود الله تعالى فإنه لا يصح التوكيلفي تثبيتها إجماعا، لأن مستحقها هو الله تعالى وهو غير مطالب بها ولامستنيب في المطالبة، لأنه أمر بسترها وتغطيتها، فلم يصح التوكيل فيها، بمنزلةحق الآدمي إذا لم يطالب، وأما التوكيل في استيفائها فإنه يجوز إذاأقامت البينة به أو أقر من قد وجب عليه،فإنه يجوز للإمام أن يستنيب في إقامة الحدعليه، لأن النبي صلّى الله عليه وآله والأئمة عليه السلام لم يكونوا يقيمونالحدود بأنفسهم وإنما يستنيبون فيإقامتها غيرهم، ولا خلاف أنه ليس من شرط إقامة هذهالحدود حضور الموكل الذي هو الإمام، لأنه ليس له العفو فلا فائدةلحضوره.إذا وكل إنسان رجلا في التصرف في مال ببيعوشراء وغيرهما فهل يجوز التوكيل للوكيل فيما جعل إليه أم لا؟ فإنهلا يخلو حال الوكالة من أحد أمرين:إما أن تكون مطلقة أو مقيدة بالإذن فيالتوكيل.فإن كانت مطلقة لم تخل من ثلاثة أحوال: إماأن يكون ذلك العمل الذي وكله فيه عملا يترفع مثله عنه، مثل أنيكون وكله في البيع والشراء وما جرت عادته بالابتذال في السوق بذلك، أو يكونذلك عملا لا يترفع عن مثله لكنه مستنشر كثير لا يمكنه القيام به بنفسه، أويمكنه القيام به.فإن كان ذلك العمل مما يترفع عن مثله جازله التوكيل فيه لأن إطلاق التوكيل فيه لمثله في مثل ذلك العمل يقتضيالإذن في التوكيل.فإن كان لا يترفع عن مثله لكنه مستنشركثير لا يمكنه القيام بنفسه جاز له أن يوكل فيه، لأن إطلاق ذلك يقتضي الإذنفي التوكيل، فإذا ثبت أن له أن يوكل فهل يجوز له التوكيل في جميعه أم لايجوز إلا في قدر ما يفضل عن كفايته بنفسه؟ قيل فيه وجهان: