فأما إذا وكله فقال له: وكلتك في بيع هذاالمال فإن بعته وسلمت الثمن إلي فلك عندي درهم، لم يستحق الدرهم حتىيبيع ويسلم إليه الثمن، لأنه جعل البيع والتسليم شرطين في استحقاق الدرهم.إذا أعطى وكيله عشرة دراهم مثلا وأمره أنيشترى له طعاما بعشرة، فصرف الوكيل تلك الدراهم في حاجته صارتقرضا له عليه وتبطل الوكالة، لأنه إن كان قد أمره أن يشتري طعاما بتلكالدراهم بعينها فقد أذن له في التصرف بشئ معين وقد تلف بصرفه إياه فيحاجته، فتعذر التصرف للموكل فيما أمره به بعينه، فهو كما لو وكله فيبيع عبد فمات العبد قبل أن يبيعه فإنه تبطل الوكالة، وأيضا فإنه تعذر عليهالتصرف على الوجه المأذون فيه.وأما إذا كان أذن له في شراء الطعام مطلقاولم يعين الشراء بها بطلت وكالته أيضا، لأن إطلاق ذلك يقتضي أنيشتري الطعام في الذمة وينقد فيه تلك الدراهم، فإذا صرفها في حاجته فقد تعذرعليه أن ينقدها في الطعام فبطلت وكالته، وكذلك لو صرفت تلك الدراهم منهلمثل ما ذكرناه.فإذا ثبت أن الوكالة تبطل فإن عزل من مالهمثل تلك الدراهم واشترى لموكله بها طعاما وقع الشراء له دونموكله، لأنه إن كان اشترى الطعام بعينه فهو يريد أن يحصل الملك في المثمن للموكلبثمن ليس له وذلك لا يجوز، لأن المثمن إنما يحصل ملكه بالبيع لمن يكون لهالثمن ولا يجوز أن يحصل ملك الثمن لرجل والمثمن لغيره.وأيضا فإنه أمره أن يشتري له الطعامبدراهم بعينها أو في الذمة وينقدها فيه، وهذا خلاف ذلك فهو تصرف للموكل لم يأذن لهفيه، فلهذا قلنا: إنه يقع له دونه، وإن كان اشتراه لموكله في الذمة لميقع له أيضا لأنه خلاف المأذون له فيه، وإذا تصرف الوكيل تصرفا لم يأذن لهفيه موكله كان ذلك له دونه.إذا وكله في التصرف في المال وسلم المالإليه فتعدى الوكيل فيه، مثل أن