أسطورية تعتقدها العامة، ومضمونها أن (ولية) كانت تعبد الله داخل المسجد، وعندما غزا (الكفار) وطنها حاربتهم بشدة، ولكنها في ليلة من الليالي مسخت في هيئة ضفدعة، فباغتها (الكفار) وقتلوها.
الثانية
واقعية ترويها الفتاة على لسان والدها، ويتجلى فيها أسلوب الأخبار، كقولها "أما رواية أبي فهي أقرب إلى العقل والصدق، قال ناقلاً عن أبيه: عندما دخل الفرنسيون الجزائر سنة 1830 وتوغلوا أرضنا غرباً وشرقاً ولما نزلوا في مكان الضريح رأوا ليلاً شيخاً قادماً، فأطلقوا الرصاص عليه، ولكنه تبين فيما بعد أنه حارسهم..إلا أن إغناء النص القصصي بهذه الحكايات على لسان (الفتاة) والاعتماد على اسلوب المزج بين الواقع والأسطورة أفقد القصة إحدى خصائصها الفنية، وهي التركيز على رسم الحدث القصصي.وفي قصة "عاشقة القيثارة" ، مهد ابن هدوقة للحدث بوصف الظروف الاجتماعية التي نشأت فيها (الفتاة) والصورة المثالية التي رسمها والدها في ذهنها بهذه الفقرة "كان الأب يريد لها أن تكون تلك الفتاة المهذبة المثقفة التي تعزف عن الانحطاط إلى ما تهواه الفتيات عادة من عبث ومحن وطيش، وكانت الأم تريد لها أن تكون تلك الفتاة المتفانية، في إرضاء والديها والتي لا يسعدها في الدنيا سوى أن تراهما فخورين بها.مفاخرين الأجوار بما حبواها به من تربية وتعليم.." ويتنامى حدث القصة بكبر الفتاة، ونمو ادراكها ووعيها بما يحيط بها، فترغب في تشكيل ملامح شخصيتها المستقلة عن شخصية الوالدين وتحس بأن في نفسها "جانبين متناقضين، جانب شعري هادئ حالم، والآخر ثائر عنيف مضطرب، وشعرت أن المرحلة الوسطى بين هذين الجانبين تضعف يوماً بعد يوم، وأنها مضطرة إلى الاختيار بين أن تحيا لنفسها أو لأبويها، أما أن تحيا حياتين متناقضتين أشد التناقض بحياة داخية نفسية ثائرة وحياة خارجية هادئة فأمر لا يطاق" .وبذا بلغ القاص في التصوير بداية العقدة، حيث يبدأ من هنا صراع حاد عنيف بين جيلين، وبين ذهنيتين الأولى تحاول التمسك بأساليب التربية التقليدية، وتنشئة الجيل الجديد على هديها بينما الثانية تنشد التحرر منها وتكافح من أجل شخصية مستقلة تتيح حرية الاختلاط ومصاحبة الفتيان.ويبلغ الحدث ذروته بعد حضور (جميلة) عرسا، حيث أعجبت بأحد الشبان الجزائريين، فتغرم بعزفه على آلة القيثارة، ومن يومها تغيرت عاداتها ورغباتها وأحلامها "وصارت لا تولي أي عناية لملابسها وشعرها وهجرت أصباغها وأدوات الزينة والتجميل..وقد جاءت النهاية لتوضح المغزى العام للحدث القصصي، فهو يعالج الأثر السلبي للتربية التقليدية التي تنشئ أطفالاً معقدين، منطوين، لا يملكون الجرأة على التعبير عما يهمهم وما يشغل بالهم حتى لأولياء أمرهم، ويبدو ذلك من تفسير الوالد لأسباب مرض ابنته حيث أرجعه إلى مطالعتها الكثيرة للكتب -في نهاية القصة- إذ أن