"دار الثلاثة" لعبة شعبية مشهورة بين الريفيين لتصوير الحدث القصصي، وهي ترمز إلى أن بطل القصة (سعيد) كان هدفاً لثلاثة أطراف: قسوة والدته، ونبات العليق الذي مزق ثوبه، وابن خالته (بوخميس) الذي شتمه وعيره بقوله: "كبير وتتبعني كالكلب" ، كما وفق في توظيف أسلوب الحوار الداخلي، خصوصاً عندما كان سعيد يتحدث إلى نفسه، وهو ينتظر في المقهى انتهاء ابن خالته من لعبة الورق، وكان يأمل من ابن خالته (بو خميس) أن يمنحه ما يحتاج من المال، وتظهر براعة الكاتب في استخدام هذا الأسلوب في هذه الفقرة" أين وضع ولد خالتي فلوسه؟ لا شك أن القطع الصغيرة في هذا الجيب الذي هو عن يساري.أما الأوراق الكبيرة فهي داخل سترته..في صدره.لو كنت مكانه..مكان ذاك اللاعب لما فتحت هذه الدار فلا فائدة منها، من السهل على الآخر أن يسدها.أراه لا يعرف اللعبة جيداً، هو نائم، ها هو ولد خالتي يبحث عن جيبه.سينفحني بقطع صغيرة" ..وتعد مقدمة قصة "معدن الكلمة" ، من أهم المقدمات الفنية الإيحائية فهي تحتوي على معظم عناصر الحدث ولكنها غير نامية، وفيها تظهر بعض ملامح البطل (أبي صعدة)، ترد على لسانه في قوله (لا أحبّ الصعود الذي يكلفني حركة وعرقاً..ويبلغ الحدث القصصي ذروته عندما تعصف ضائقة بأبي صعدة، ويضطر على أثرها إلى استدعاء (أبا عجينة) لأخذ نصيحة ثانية تزيده ارتفاعاً ومكانة وشهرة من دون أن يبذل أي مجهود فكري أو عضلي، ولكن صديقه ينصحه بسرعة الاقلاع عن تصرفاته الشاذة والكف عن السطو على كتابات أستاذه المتوفى، ويسخر من عمله، ولكن أبا صعدة يرفض ويعد النصح حقداً وحسداً على المكانة التي حققتها له مقالاته المنشورة باسمه.ويفاجئنا الكاتب في تصوير النهاية إذ كنا نتوقع أن (أبا عجينة) يستكشف سر (أبي صعدة) في الصحافة، ويبين أن المقالات التي تحمل توقيعه إن هي في الأصل إلا مطبوعات دراسية لأحد أساتذته المتوفى منذ سنوات، ولكننا فوجئنا (بأبي صعدة) بعد خروجه من عمارة مكتبه يتمثل في خاطره مقال جديد بعنوان: مع الرجعية" فهذه الفكرة كان الأجدر أن ترد على لسان أبي عجينة.إذا كان الطاهر وطار يعد من أغزر كتاب القصة القصيرة الذين برزوا خلال سنوات الحرب التحريرية، وتميزت تجربته القصصية بحدة المعالجة وإثارة المواضيع الحساسة