فی ظلال نهج البلاغة جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
و قال للمسلمين يوما آخر: من كنت مولاهفعليّ مولاه.. من أجل ذلك كله أقبل العباسبعد وفاة النبي و قال له: مد يدك أبايعك، ولكن عليا أبى مخافة الفتنة.. و جاءه أبوسفيان الذي حارب النبي صلّى الله عليهوآله وسلّم و لم يسلم إلا كارها لا طائعا،و اعترف بأن لا إله إلا اللّه، و لكن حينطلب اليه أن يشهد ان محمدا رسول اللّه قال:أما هذه فإن في نفسي منها شيئا، و لو لا حثّالعباس له و تخويفه القتل لما اعترف بهذهالشهادة التي كان في نفسه منها شيء.. فهواذن أحد الطلقاء.. جاء أبو سفيان الى علي وقال له: ابسط يدك أبايعك، و لكن عليا أبى أنيستجيب خوفا من إثارة الفتنة». (أفلح من نهض بجناح، أو استسلم فأراح).المراد بالجناح هنا القدرة، و المعنى انمن يملك القدرة، و يستغلها في إحقاق الحق،و إزهاق الباطل فقد ربح و فاز، أما العاجزفخير له و للناس أن يصبر حتى اذا مرتالفرصة انتهزها، و من أقوال الإمام: «منالخرق المعاجلة قبل الامكان، و الأناة بعدالفرصة».. لقد آذت قريش رسول اللّه صلّىالله عليه وآله وسلّم و قال عنه عتاتها:شاعر و ساحر، و كاهن و مجنون، و وثبوا عليهيوما، فأخذ بعضهم بخناقه، و جذبه آخربثوبه، و نتف ثالث من شعره.. و حرشوا عليهالصبيان فطاردوه و رموه بالحجارة حتى أصيبفي قدميه، و سالت منها الدماء.. كل هذا وأكثر من هذا حدث لرسول الرحمة صلّى اللهعليه وآله وسلّم دون أن يحرك ساكنا طاعةللّه في قوله: «و اصبر على ما أصابك ان ذلكمن عزم الأمور».. «و اصبر حتى يحكم اللّه». (هذا ماء آجن، و لقمة يغص بها آكلها، ومجتني الثمرة لغير وقت إيناعها كالزارع فيغير أرضه). هذه إشارة الى طلب الخلافة، والظروف غير مؤاتية، و انه من الحمق و سوءالتصرف أن يطلبها أو يتصدى لها معالمقاومة و إعلان الحرب من أجلها، لأنهاكانت بالنسبة اليه بعد وفاة الرسول صلّىالله عليه وآله وسلّم كالماء الذي لايستساغ شربه، و اللقمة يغص بها الآكل. والثمرة المقطوفة قبل النضوج، و من قطفالثمرة قبل الأوان لا ينتفع بها كما ان منزرع في غير أرضه لا ينتفع بما زرع.. و ليسمعنى هذا أن العاجز لا ينبغي له أن يطالببحقه، كلا، بل أن يطالب و يحتج، و لكن علىقدر طاقته.. و أشرنا فيما سبق الى احتجاجالإمام عليه السلام على من سبقه الىالخلافة.