فی ظلال نهج البلاغة جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
ترى الشمس صغيرة، و يقول العقل: هي أكبربكثير مما رأت، و الحق معه، و إلى هذا أشارالإمام بقوله: «قد تكذب العيون أهلها، و لايغش العقل من استنصحه». و كثيرا ما تكونالعين بمعونة العقل مصدرا لمعرفة الحق،فقد سئل الإمام عن الفرق بين الحق و الباطلفقال: الباطل أن تقول: سمعت، و الحق أنتقول: رأيت.. و أيضا يرسل العلماء أحكامامطلقة على أفراد النوع ما وقع منها فيخبرتهم الحسية، و ما لم يقع قياسا لهذا علىذاك، و لا مبرر لذلك إلا العقل، و بكلمة: انمعارف الانسان و سلوكه و أقواله و أفعاله وأحكامه بكاملها- ترتبط بالعقل بشكل أوبآخر، و لو أسقطناه عن الاعتبار لانسد بابالمعرفة و الحكم على الأشياء بشتىأنواعها. و العقل عند الإمام فطري و كسبي، و الأولما يدرك به الانسان- بما هو إنسان- إدراكامباشرا و بلا مقدمات، و انتقال من معلومالى مجهول، كإدراك الناس كل الناس- العالممنهم و الجاهل- ان الشيء الواحد لا يكونموجودا و معدوما في آن واحد، و من جهةواحدة، أو يوجد في العديد من الأماكن في آنواحد. أما الكسبي فهو عبارة عن حركةالانتقال من معلوم الى مجهول، من مشاهدمحسوس الى غائب لازم له، و لا ينفك عنه،كالانتقال من رؤية الهرم الى معرفةالفراعنة و تاريخهم، و من رؤية النظامالثابت في الكون الى معرفة المكوّن والمنظّم. و العقل الكسبي يثبت الحقائقالتجريبية و إليه أشار الإمام بقوله:العقل حفظ التجارب، و قال: «اعلم الناس منجمع علم الناس الى علمه.. العلم أكثر من أنيحصى، فخذوا من كل شيء أحسنه». و في هذارد صريح على من قال، يجب على المسلمين أنيكتفوا بما عندهم من علم و تراث قديم» و لايجوز أن يستوردوا أي علم من الخارج. و العلم عند الإمام وسيلة الى العمل، حتىالعلم باللّه فان القصد منه العمل بأمره ونهيه، و عليه يرتكز الثواب و العقاب، و بهيستدل على الإيمان. بل العلم عند الإمامبلا عمل خيال زائف، و من أقواله «العلممقرون بالعمل، فمن علم عمل، و العلم يهتفبالعمل فإن أجابه و إلا ارتحل». و نقلالدكتور زكي نجيب محمود عن فريق منالفلاسفة المعاصرين: «ان العلم و العملموصول أحدهما بالآخر» فإذا وجدت علمامزعوما لا يجيء بمثابة الخطة المؤديةالى العمل فقل: انه ليس من العلم في شيء».و في هذا المعنى روايات كثيرة عن أهل البيتعليهم السلام ذكر