فی ظلال نهج البلاغة جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
البرجماتية و الانتهازية.. و أيضا الإماميقول، الغاية تبرر الواسطة، و لكن الكلامأو الفرق في تحديد الغاية: ما هي هل الغايةينبغي أن تكون فردية ذاتية تعود الى هذهالحياة و متاعها و منافعها بصرف النظر عنالأخلاق و الدين، و المباديء و القوانين-بحيث لا شيء حلال أو حرام في ذاته، و لابالقياس الى مبدأ عام، أو قاعدة كلية كماتقول الانتهازية و البرجماتية، أو انالغاية شيء آخر أجل و أرفع قال الإمامعليه السلام: ان الغاية الحقة التي وجدالانسان من أجلها، و عليه أن يضحي بنفسه وجاهه، و أهله و ماله في سبيلها- هي الآخرة،هي الجنة وحدها، و مرضاة اللّه وحده، وبيّن هذه الغاية في الكثير من أقواله،منها: «ما يصنع بالدنيا من خلق للآخرة..الجنة غاية السابقين.. الدنيا خلقتلغيرها، و لم تخلق لنفسها.. الدنيا دار ممرلا دار مقر، و هي منتهى بصر الأعمى».. الىغير ذلك مما هو معروف و مشهور. هذه لهي الغاية عند الإمام، و هي السمةالبارزة التي طبعت جميع حركاته و سكناته،و في ضوئها يجب أن تفسر أقواله و أفعالهمنذ يومه الأول مع رسول اللّه الى النفسالأخير من حياته. و نختم الكلام في شرح هذهالخطبة، بما جاء في خطبة ثانية: «قلت: يارسول اللّه: أو ليس قد قلت لي يوم أحد حيناستشهد من استشهد من المسلمين و حيزت عنيالشهادة، فشقّ علي ذلك، فقلت لي: ابشر فإنالشهادة وراءك فقال لي: ان هذا لكذلك، فكيفبصبرك إذن فقلت: يا رسول اللّه ليس هذا منمواطن الصبر، و لكن من مواطن البشرى والشكر». شق على الإمام عليه السلام أن لا يستشهدفي سبيل اللّه، و عاتب النبي صلّى اللهعليه وآله وسلّم على ذلك، و لما أيقنبالشهادة و انها آتية لا محالة، استبشر وشكر، و عدها الفوز الأكبر، و قال حين أتتهببهجة البشرى و فرحتها: فزت و رب الكعبة..هذا هو علي بن أبي طالب، لا يفرح بالخلافةو الولاية، و ان أتت منقادة تجرر اليهأذيالها، و يفرح بالضربة المسمومةالقاتلة لأن الجنة بعدها و وراءها: «و مامن شر بعده الجنة بشر، و كل نعيم دون الجنةفهو محقور، و كل بلاء دون النار عافية».