فی ظلال نهج البلاغة جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
الأمم، لا ينتفعون بكثرة، و لا يعتصمون منعدو، و إن قلّ و حقر.. و قد حدث ذلك بالفعل،و الشاهد اسرائيل، و في ذلك يقول الإمامعليه السلام: «و إن في سلطان اللّه عصمةلكم، فأعطوه طاعتكم غير ملومة- أي غيرملومين عليها بنقاق و رياء- و لا مستكرهة،و اللّه لتفعلن أو لينقلن اللّه عنكمسلطان الاسلام، ثم لا ينقله إليكم أبداحتى يأزر- أي يرجع- الأمر الى غيركم». (وقر سمع لم يفقه الواعية). هذا دعاءبالصمم على من يسمع المواعظ و لا يتعظ، وتهتف به الزواجر و لا يزدجر (و كيف يراعيالنبأة من أصمته الصيحة). المراد بالنبأة هنا حكم الإمام و مواعظه،و بالصيحة ما في كتاب اللّه و سنة نبيه منتخويف و تحذير، و المعنى من لا ينتفع بنذراللّه و الرسول و ندائهما لا ينتفع بهمسةمني أو من غيري، و شبه الإمام عظتهبالنبأة، و هي الصوت الخفي، وعظة اللّه والرسول بالصيحة- تعظيما لمقامهما و علوشأنهما. (ربط جنان لم يرافقه الخفقان). هذا دعاءبالصبر و صلابة الأعصاب لكل ذي قلب يخفقباستمرار خوفا و رهبة من غضب اللّه وعذابه، و يلقي اليه بالطاعة رغبة و طمعا فيمرضاته و ثوابه. (ما زلت انتظر بكم الغدر، و أتوسمكم بحليةالمغترين). وجه الإمام عليه السلام هذاالخطاب للناكثين و المارقين الذين بايعوهثم غدروا به، و كان الإمام يترقب الغدرمنهم، و يتفرس فيهم الاغترار (حتى سترني-أي كفني- عنكم جلباب الدين). يقول لهم: أناأعرف من أنتم حقا و واقعا، و لكن لا سبيل ليعليكم ما أظهرتم كلمة الاسلام و شعائره.. وقد كان شأنهم مع الإمام تماما كشأنالمنافقين مع رسول اللّه صلّى الله عليهوآله وسلّم. (و بصرنيكم صدق النية). أي ان الذي عرّفالإمام عليه السلام بحقيقتهم هو صدقه فينيته، و صفاؤه في دخيلته و إخلاصه فيإيمانه، قال الشيخ محمد عبده: «و صاحبالقلب الطاهر تنفذ فراسته الى سرائرالنفوس فتستخبرها» بالإضافة الى إخبارالنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لعليعليه السلام بأنه يقاتل الناكثين والقاسطين و المارقين. و يأتي ان شاء اللّه ان الإمام مر بقتلىيوم النهروان فقال: لقد ضركم من غركم، فقيلله: من غرهم يا أمير المؤمنين فقال الشيطانالمضل، و الأنفس الأمارة بالسوء، غرتهمأنفسهم، و فسحت لهم بالمعاصي، و وعدتهمالإظهار فاقتحموا النار.