قال ( باب الرجل لا يجد نفقة إمرأته ) ذكر فيه ( ان عمر كتب إلى امراء الاجناد في رجال غابوا عن نسائهم فأمرهم ان يأخذوهم بان ينفقوا أو يطلقوا ) - قلت ذكر ابن حزم انه لا حجة لهم فيه لانه لم يخاطب بذلك الا اغنياء قادرين على النفقة و ليس فيه ذكر حكم المعسر بل قد صح عن عمر إسقاط طلب المرأة للنفقة إذا اعسر بها الزوج - ثم ذكر البيهقي ( عن أبى الزناد سألت ابن المسيب عن الرجل لا يجد ما ينفق على إمرأته قال يفرق بينهما قال قلت سنة فقال سعيد سنة ) - قلت - ذكره ابن حزم ثم قال روينا من
طريق عبد الرزاق عن الثورى عن يحيى الانصاري عن ابن المسيب قال إذا لم يجد الرجل ما ينفق على إمرأته أجبر على طلاقها - ثم قال لم ؟ ؟ ؟ لاهل هذه المقالة حجة أصلا الا تعلقهم بقول ابن المسيب انه سنة و قد صح عنه قولان - أحدهما - يجبر على مفارقتها و الا يفرق بينهما و هما مختلفان و لم يقل انه سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم و لو قال ذلك كان مرسلا و لعله أراد سنة عمر كما روينا من فعله ثم قال روينا من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج سألت عطاء عمن لم يجد ما يصلح إمرأته من النفقة قال ليس لها الا ما وجدت ليس لها ان يطلقها ، و من طريق حماد بن سلمة عن واحد عن الحسن في الرجل يعجز عن نفقة إمرأته قال تواسيه و تتقى الله عز و جل و تصبر و ينفق عليها ما استطاع ، و من طريق عبد الرزاق عن معمر سألت الزهرى عن رجل لا يجد ما ينفق على إمرأته أ يفرق بينهما قال نستأنى به و لا يفرق بينهما و تلا ( لا يكلف الله نفسا إلى وسعها ) سيجعل الله بعد عسر يسرا ) قال معمر و بلغنى عن عمر بن عبد العزيز مثل قول الزهرى سواء ، و من طريق عبد الرزاق عن الثورى في المرأة بعسر زوجها بنفقتها قال هى إمرأة ابتليت فلتصبر و لا تأخذ بقول من يفرق بينهما و هو قول ابن شبرمة و أبى حنيفة و أبى سليمان و أصحابهما و يؤيد قولنا قوله تعالى ( لينفق ذو سعة من سعته ) إلى قوله ( بعد عسر يسرا ) و ذكر ايضا حديث مسلم عن جابر ان أبا بكر قال يا رسول الله لو رأيت ابنة خارجة سألتني النفقة فقمت إليها فوجأت عنقها فضحك رسول الله صلى الله عليه و سلم و قال هن حولى كما ترى سألننى النفقة فقام أبو بكر إلى عائشة يجأ عنقها و قام عمر إلى حفصة يجأ عنقها كلاهما يقول تسألن رسول الله صلى الله عليه و سلم ما ليس عنده الحديث و من المحال المتيقن ان يضر ا طالبة حق انتهى كلام ابن حزم - و جعله صاحب الاستذكار قول الشعبي ايضا - ثم ذكر البيهقي من طريق الدار قطنى ( عن حماد بن سلمة عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب في الرجل لا يجد ما ينفق على إمرأته قال يفرق بينهما قال وثنا حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة عن أبى صالح عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم - قلت - ذكر الدار قطنى في سننه من طريق شيبان بن فروخ ثنا حماد بن سلمة عن عاصم عن أبى صالح عن أبى هريرة ان النبي صلى الله عليه و سلم قال المرأة تقول لزوجها الحديث ثم ذكر عن شيبان ان ؟ ؟ ؟ أحدثهم بكلام ابن المسيب ثم ذكر الدار قطنى سنده بذلك إلى حماد ثم ذكر بسنده إلى حماد عن عاصم بن بهدلة عن أبى صالح عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم بمثله فقوله بمثله راجع إلى حديث أبى هريرة الذي ذكره الدار قطنى أولا ثم ذكر بعده كلام ابن المسيب ثم انعطف على الحديث الاول فذكره من وجه آخر عن حماد بسنده الاول و البيهقى لم يذكر الحديث الاول بل ذكر كلام ابن المسيب من طريق الدار قطنى
باب المبتوتة لا نفقة لها الا ان تكون حاملا
ثم ذكر السند الذي بعده و آخره عن النبي صلى الله عليه و سلم مثله ففهم عن الدار قطنى ان المراد بقوله مثله كلام ابن المسيب و ان ذلك من هذا الوجه مرفوع إلى النبي صلى الله عليه و سلم و صرح البيهقي بذلك في الخلافيات فذكر كلام ابن المسيب ثم قال و روى عن أبى هريرة مرفوعا في الرجل لا يجد ما ينفق على إمرأته يفرق بينهما و ليس الامر كما فهم البيهقي و لا يعرف هذا مرفوعا في شيء من كتب الحديث بل قوله مثله راجع إلى الحديث الاول كما ذكرنا و السند من حماد إلى آخره سند واحد و أيضا يبعد في العادة ان يذكر كلام تابعي ثم يستشهد عليه بحديث مرفوع - ثم ذكر البيهقي حديث أبى هريرة و فيه ( إمرأتك تقول أطعمنى و الا فارقني ) ثم ذكره البيهقي من وجه آخر و قد جعل آخره و هو هذا الكلام من قول أبى هريرة - قلت - على تقدير تسليم انه مرفوع فليس فيه الا مطالبتها له بالفراق و لانه فيمن لا ينفق و معه النفقة و لا خلاف ان الفرقة هنا مستحقة - قال ( باب المبتوتة لا نفقة لها الا ان تكون حاملا ) ( قال الله تعالى و ان كن أولات حمل فأنفقوا عليهن - فجعل لهن نفقة بصفة ) - قلت - قوله تعالى في أول السورة إذا طلقتم النساء - يشمل المبتوته و غيرها فكذا ما عطف عليه و هو قوله تعالى ( و ان كن أولات حمل ) - فوجب على قول البيهقي و أصحابه
ان المبتوته ايضا لا تستحق النفقة الا إذا كانت حاملا و هم لا يقولون ذلك فلما لم يكن الحمل شرطا في استحقاقها في المبتوتة فكذا المبتوتة و كل منهما يستحقها لكونها معتدة من طلاق و خصم البيهقي لا يقول بالمفهوم فالتخصيص بشرط الحمل لا يدل عنده على ان الحامل لا تستحقها - فان قلت - فما فائدة هذا الشرط حينئذ - قلنا - ذكروا فيه فائدتين - احداهما - ان مدة الحمل تطول في الغالب فربما ظن ظان ان النفقة تسقط إذا مضى مقدار مدة حيض فازال الله تعالى ذلك و أفاد أن نفقة الحامل مستحقة على الزوج مع بقاء العدة و ان طالت المدة ذكر ذلك أبو بكر الرازي و الزمخشري و الثانية - ان الحمل قد يكون له مال فيشبه علينا هل النفقة في ماله أو على الزوج فافاذنا الله تعالى انها على الزوج لافي مال الحمل - فان قلت - قوله تعالى ( إذا طلقتم النساء ) أريد بن الرجعي بدليل قوله تعالى بعد ذلك ( فإذا بلغن اجلهن فامسكوهن بمعروف ) الآية - قلنا - هذا ذكر لبعض ما انتظمه الكلام أولا كقوله تعالى ( و المطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء )
فذلك يشمل الرجعي و البائن ثم قوله بعد ذلك ( و بعلوتهن احق بردهن ) خاص في الرجعي و لو كان قوله تعالى ( إذا طلقتم النساء ) للرجعى ثم باقى الكلام معطوف عليه لكان المراد بقوله تعالى ( و ان كن أولات حمل ) الرجعي فيبطل حينئذ استدلال البيهقي به على المبتوتة - ثم ذكر البيهقي حديث فاطمة بنت قيس من طريق زهير ( ثنا هشيم ثنا سيار و حصين و مغيرة و أشعث و مجالد و داود و إسمعيل كلهم عن الشعبي ) الحديث و في رواية مجالد ( انما السكنى و النفقة على من كانت له الرجعة ) - قلت - قال الدار قطنى ثنا ابن صاعد ثنا يعقوب بن إبراهيم ثنا هشيم فذكره بسنده المذكور و جعل قوله انما السكنى و النفقة من رواية هؤلاء الجماعة كلهم عن الشعبي - ثم ذكر البيهقي الزيادة المذكورة من رواية فراس ايضا
عن الشعبي ثم ذكر الاختلاف في الحديث في نفى النفقة دون السكنى أو نفيهما ثم قال ( و الاشبه بسياق الحديث انه عليه السلام نفى النفقة و أذن في الانتقال لعلة لعلها استحيت من ذكرها و قد ذكرها غيرها و لم يرد نفى السكنى أصلا و اما قوله انما السكنى و النفقة لمن كانت عليه رجعة فليس بمعروف و لم يرو من وجه يثبت مثله و اما إنكار من أنكر على فاطمة فانما هو ؟ ؟ ؟ السبب في نقلها ) - قلت - ذكر مسلم و غيره من طرق عديدة زيادة نفى السكنى على نفى النفقة و هي زيادة ثقة فوجب قبولها و لهذا روى عن على و جابر و ابن عباس رضى الله عنهم انه لا نفقة لها و لا سكنى و اليه ذهب ابن حنبل و ابن راهويه و أبو ثور و داود و غيرهم و قال أبو عمر هذا القول من طريق الحجة اصح و أحج لانه لو وجب السكنى عليها و كانت عبادة تعبدها الله بها لا لزمها رسول الله صلى الله عليه و سلم و لم يخرجها عن بيت زوجها إلى بيت ام شريك و لا إلى بيت ابن ام مكتوم و قد أجمعوا ان المرأة التي تبذو على اختانها بلسانها تؤدب و تقصير على السكنى في المنزل الذي طلقت فيه و تمنع من اذى الناس فدل ذلك على ان من اعتل بمثل هذه العلة في انتقالها اعتل بغير صحيح و لا متفق عليه من الخبر و إذا ثبت قوله عليه السلام لا سكنى لك و لا نفقة و انما السكنى و النفقة لمن عليها الرجعة - فاى شيء يعارض به هذا هل يعارض الا بمثله و لا شيء عنه عليه السلام يدفع ذلك انتهى كلامه و في دعواه الاجماع على ذلك نظر و في صحيح ابن حبان من حديث سلمة بن كهيل عن الشعبي عن فاطمة قال عليه السلام المطلقة ثلاثا ليس لها سكنى و لا نفقة - و قوله عليه السلام انما السكنى و النفقة
باب من قال لها النفقة
زيادة في الحديث من ثقة و قد ذكرها البيهقي فيما تقدم من رواية اثنين عن الشعبي و أخرجها الدار قطنى من رواية اولائك الجماعة كلهم كما تقدم و أخرجها النسائي من وجه آخر بسند لا بأس به من حديث سعيد بن يزيد الاحمسى عن الشعبي فوجب ان يكون معروفا ثابتا و من نظر في الحديث و تأمله عرف انهم انما أنكروا عليها امر السكنى و خالفوها في ذلك - قال ( باب من قال لها النفقة ) ذكر فيه قول عمر ( لا ندع كتاب ربنا ) ثم قال ( و رواه ) اشعث عن الحكم و حماد عن إبراهيم عن الاسود عن عمر قال فيه و سنة نبينا ثم ذكره من حديث أبى احمد الزبيرى ( ثنا عمار بن زريق عن أبى اسحق كنت مع الاسود فذكر عن الشعبي انه حدث بحديث فاطمة فأخذ الاسود كفا من حصى فحصبه ثم قال ويلك تحدث بمثل هذا قال عمر رضى الله عنه لا نترك