كتاب الله و سنة نبينا لقول إمرأة ) إلى آخره ( و رواه يحيى بن آدم عن عمار و لم يقل فيه و سنة نبينا ) ثم حكى عن الدار قطنى ( ان يحيى بن آدم احفظ من الزبيرى و أثبت منه ) ثم قال ( قال الشافعي ما نعلم في كتاب الله ذكر نفقة انما في كتاب الله ذكر السكنى ) - قلت - قوله تعالى ( و لا تضاروهن لتضيقوا عليهن ) إيجاب للنفقة لانها إذا حبست لحقه و لم ينفق عليها فقد ضارها و ضيق عليها - فان قيل - المراد به إيجاب السكنى اذ التضييق انما هو في المكان - قلنا - هذا حمل للكلام على التكرار إذا السكنى مذكور أو لا بقوله تعالى ( أسكنوهن من حيث سكنتم )
و فيما قلنا إثبات فائدة اخرى و لان منع النفقة تضييق و منع السكنى ليس بتضييق اذ الواجب ان تقيم في مكان واحد فإذا منعها منه تقيم حيث شاءت و ذكر توسعة ذكر ذلك القدوري في التجريد و لا تعارض بين رواية الزبيرى و رواية يحيى حتى يرجح يحيى عليه لان الزبيرى ما خالفه بل وافقه و زاد عليه قوله سنة نبينا و هو امام حافظ قال محمد بن بشار ما رأيت رجلا احفظ من الزبيرى فهذه زيادة من ثقة فوجب ان تقبل و قال مسلم عقيب حديث الزبيرى ثنا احمد بن عبدة ثنا أبو داود ثنا سليمان بن معاذ عن أبى إسحاق بهذا الاسناد نحو حديث أبى احمد عن عمار بن رزيق بقصته فهذا شاهد لحديث الزبيرى و رواية اشعث تشهد له ايضا و هو يصلح للمتابعة لان العجلي وثقه
و وثقه ابن معين في رواية و روى له مسلم في المتابعان و اخرج له ابن خزيمة في صحيحه و الحاكم في مستدركه و يشهد له ايضا ثلاثة أوجه - وجهان - أخرجهما ابن ابى شيبة فقال ثنا وكيع ثنا جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران قال قال عمر لا ندع كتاب ربنا و سنة نبينا لقول إمرأة - و قال ايضا ثنا جرير عن مغيرة ذكرت لابراهيم حديث فاطمة فقالت قال عمر لا ندع كتاب ربنا و سنة رسوله لقول إمرأة لا ندري حفظت أو نسيت و كان عمر يجعل لها السكنى و النفقة - و الوجه الثالث - في مصنف عبد الرزاق عن الثورى عن سلمة بن كهيل عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس قالت طلقني زوحى ثلاثا فجئت النبي صلى الله عليه و سلم فسألته فقال لا نفقة لك و لا سكنى قال فذكرت ذلك لابراهيم فقال قال عمر بن الخطاب لا ندع كتاب ربنا و لا سنة نبينا لها النفقة و السكنى - و في صحيح ابن حبان انا أبو خليفة ثنا محمد بن كثير العبدي انا الثورى فذكره و إذا ثبت
هذه الزيادة و هي قوله و سنة نبينا و هي حديث مرفوع عندهم فالظاهر أنه أراد بسنة نبينا النفقة و أراد بالكتاب السكنى و قوله آخرا لها النفقة و السكنى اى في الكتاب و السنة كما بينا و ايد ذلك ما أخرجه القاضي إسمعيل فقال ثنا حجاج بن منهال ثنا حماد بن سلمة عن الشعبي ان فاطمة بنت قيس طلقها زوجها طلاقا بائنا فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم لا نفقة لك و لا سكنى قال فخبرت بذلك النخعي فقال ان عمر أخبر بقولها فقال لسنا بتاركى آية من كتاب الله و قول رسول الله صلى الله عليه و سلم لقول إمرأة لعلها أو همت سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول لها السكنى و النفقة - و ذكره ابن حزم ايضا الا انه ادخل بين حماد بن سلمة و الشعبى حماد بن أبى سليمان و كذا أخرجه الطحاوي ايضا و النخعى و ان لم يدرك عمر الا ان مراسيله صحيحة الا حديثين كذا قال ابن معين و ليس هذا الحديث منهما و قال صاحب التمهيد في أوائله مراسيل النخعي صحيحة ثم ذكر بسنده عن الاعمش قلت للنخعى إذا حدثتني حديثا فأسنده فقال
* جماع ابواب النفقة على الاقارب * باب النفقة على الاولاد
إذا قلت عن عبد الله فاعلم انه عن واحد و إذا سميت لك احدا فهو الذي سميت قال أبو عمر في هذا ما يدل على ان مراسيله قوى من أسانيده و قال في موضع آخر مراسيله عن ابن مسعود و عمر صحاح كلها و ما أرسل منها أقوى من الذي اسند حكاه يحيى القطان و غيره و في سنن أبى داود أن عائشة عابت على فاطمة اشد العيب و روى الطحاوي و غيره ان فاطمة كانت إذا ذكرت شيئا من ذلك رماها اسامة بن زيد بما كان في يده و قال ابن المسيب تلك إمرأة فتنت الناس و قال الطحاوي لم يبلغنا عن احد من الصحابة المنكرين لحديثها قبله و لا عمل بن شيء يروى عن ابن عباس و مداره على الحجاج بن ارطاة و مذهبهم فيما لم يذكر سماعه فيه لاخفاء - و حكى الطحاوي عن الشافعي قال قوله لا نفقة لك اى لانك حامل ثم قال الطحاوي هذا تأويل لم نجده منصوصا و قد تأوله غيره بانها منعت النفقة لبذائها الذي أخرجت به الخروج اللازم لها بفعل صدر منها لنشوز فحرمت
لاجله النفقة و اخرج الدار قطنى من حديث حرب بن أبى العالية عن أبى الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال المطلقة ثلاثا لها السكنى و النفقة - فان قيل - حرب ضعفه ابن معين قلنا - اختلف قوله فيه كذا ذكر المزى و غيره فيرجع فيه إلى غيره و قد وثقه عبيد الله بن عمر القواريري و يكفيه ان مسلما أخرج له في صحيحه و اخرج له ايضا الحاكم في المستدرك و ذكر صاحب التمهيد عن عمر و ابن مسعود قال المطلقة ثلاثا لها السكنى و النفقة - و روى ذلك الطحاوي بسنده ايضا و روى بسنده ايضا عن ابن المسيب مثله و ما ذكره البيهقي في الباب السابق و عزاه إلى مسلم من قول مروان سنأخذ بالعصمة التي وجدنا الناس عليها دليل على ان العمل كان عندهم على خلاف حديث فاطمة و قال القاضي إسمعيل و إذا كان هذا الانكار كله وقع في حديث فاطمة فكيف يجعل أصلا - قال ( باب النفقة على الاولاد ) ( قال الله تعالى و الولدات يرضعن أولادهن إلى قوله بالمعروف - و قال - فان أرضعن لكم فآتوهن أجورهن ) - قلت - لاذكر للنفقة على الاولاد في الآية الثانية و كذا الاولى و الضمير في قوله رزقهن و كسوتهن - يعود على الوالدات -
قال ( باب قوله تعالى و على الوارث مثل ذلك ) ذكر فيه ( عن الشعبي عن ابن عباس اى لا يضار ) - قلت - في سنده اشعث هو ابن سوار فسكت عنه و ضعفه قريبا في باب من قال لها النفقة اى للمبتوته و قد فسر الشعبي قوله تعالى مثل ذلك بانه رضاع الرضيع ذكره القاضي إسمعيل بسند جيد و ذكره ابن أبى شيبة ايضا ثم ذكر البيهقي ( عن مجاهد و على الوارث مثل ذلك قال يعنى الولى من كان ) - قلت - في سنده عبد الرحمن بن الحسن القاضي نسب إلى الكذب ذكره الذهبي في كتاب الضعفاء على ان مجاهدا لم يتعرض لقوله تعالى مثل ذلك هل المراد به نفى المضارة كما مضى عن ابن عباس أو وجوب الرضاع كما تقدم عن الشعبي و قد جاء عن مجاهد مصرحا ان المراد المعنى الثاني قال ابن ابى شيبة حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن أبى نجيح عن مجاهد قال على الوارث مثل ما على ابيه ان يسترضع له و هذا سند
باب ما جاء في قول الله عزوجل وعلى الوارث مثل ذلك
صحيح و أخرجه القاضي إسمعيل عن على بن المديني عن ابن عيينة ثم ذكر البيهقي ( عن ابن المسيب عن عمر جبر عصبة صبي إلى آخره و ذكر ( عن الزهرى ان عمر اغرم ثلاثة ) إلى آخره و ذكر ( ان كلا منهما منقطع - قلت - مرسل ابن المسيب قد أرسل من رواية الزهرى ايضا كما ذكره البيهقي و أرسل ايضا من وجه ثالث ابن أبى شيبة ثنا حفص هو ابن غياث عن إسمعيل يعنى ابن أبى خالد عن الحسن ان عمر جبر رجلا على نفقة ابن اخيه و الحاج يحتج بمثل هذا المرسل كما عرف و ذكر ابن أبى شيبة بسنده عن زيد بن ثابت قال إذا كان عم وام فعلى الام بقدر ميراثها و على العم بقدر ميراثه و ذكر ابن أبى شيبة ايضا عن جماعة من التابعين و غيرهم ان المراد بقوله تعالى ( و على الوارث مثل ذلك ) وجوب النفقة و الرضاع و ذكر عبد الرزاق و عبد بن حميد و القاضي إسمعيل و غيرهم بأسانيدهم عن جماعة من السلف مثل ذلك حكى ذلك عنهم ابن حزم ثم قال فهؤلاء عمر بن الخطاب و زيد بن ثابت و لا يعرف لهما محالف من الصحابة و من التابعين عبد الله ابن عتبة بن مسعود و قبيصة بن ذويب و الحسن البصري و عطاء بن أبى رباح و إبراهيم النخعي و أصحاب ابن مسعود و قتادة و الشعبى و مجاهد و شريح و زيد بن اسلم و هو قول الضحاك بن مزاحم و سفيان الثورى و عبد الرزاق انتهى كلامه و نفى المضارة مع قلة من قال به و ضعف سنده لا يختص بالوارث فلا فائدة حينئذ في تخصيصه به فظهر أن تفسير الآية بوجوب النفقة و الرضاع أولى منه لصحة معناه و كثرة القائلين به و يمكن حمل الآية على الامرين جميعا و ليس التفسير بنفي المضارة منافيا للتفسير الآخر بل هو موافق له في المعنى اذ لا مضارة فوق موت مورثه جوعا و عطشا و بردا و هو غنى فلا يرحمه - قال ( باب نفقة الابوين )