سورة الإسراء من الآية 77 وحتى الآية 79
(إلا قليلا) أي لا يلبثون بعدك إلا قليلا حتى يهلكوا فعلى هذا القول حدة حياتهم وعلى الثاني ما بين خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة إلى أن قتلوا ببدر 77 قوله عز وجل (سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا) أي كسنتنا فانتصب بحذف الكاف وسنة الله في الرسل إذا كذبتهم الأمم أن لا يعذبهم ما دام نبيهم بين أظهرهم فإذا خرج نبيهم من بين أظهرهم عذبهم (ولا تجد لسنتنا تحويلا) أي تبديلا 78 قوله (أقم الصلاة لدلوك الشمس) اختلفوا في الدلوك روي عن عبد الله مسعود أنه قال الدلوك هو الغروب وهو قول إبراهيم النخعي ومقاتل بن حيان والضحاك والسدي وقال ابن عباس وابن عمر وجابر هو زوال الشمس وهو قول عطاء وقتادة ومجاهد والحسن وأكثر التابعين ومعنى اللفظ بجمعهما لأن أصل الدلوك الميل والشمس تميل إذا زالت وغربت والحمل على الزوال أولى القولين لكثرة القائلين به ولأنا إذا حملناه عليه كانت الآية جامعة لمواقيت الصلاة كلها فدلوك الشمس يتناول صلاة الظهر والعصر وإلى غسق الليل يتناول المغرب والعشاء وقرآن الفجر هو صلاة الصبح قوله عز وجل (إلى غسق الليل) أي ظهور ظلمته وقال ابن عباس بدو الليل وقال قتادة وقت صلاة المغرب وقال مجاهد غروب الشمس (وقرآن الفجر) يعني صلاة الفجر سمي صلاة الفجر قرآنا لأنها لا تجوز إلا بقرآن وانتصاب القرآن من وجهين أحدهما أنه عطف على الصلاة أي وأقم قرآن الفجر قاله الفراء وقال أهل البصرة على الإغراء أي وعليك قرآن الفجر (إن قرآن الفجر كان مشهودا) أي يشهده ملائكة الليل وملائكة النهار أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنبأنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا أبو اليمان أنبأنا شعيب عن الزهري أخبرني سعيد بن المسيب وأبو سلمة عبد الرحمن أن أبا هريرة قالسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول \ تفضل صلاة الجمع على صلاة أحدكم وحده بخمس وعشرين جزءا وتجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر \ ثم يقول أبا هريرة اقرؤوا إن شئتم (إن قرآن الفجر كان مشهورا) 79 قوله تعالى (ومن الليل فتهجد به) أي قم بعد نومك والتهجد لا يكون إلا بعد النوم يقال تهجد إذا قام بعدما نام وهجد إذا نام والمراد من الآية قيام الليل للصلاة وكانت صلاة الليل فريضة على النبي صلى الله عليه وسلم في الابتداء وعلى الأمة لقوله تعالى (يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا) ثم نزل التخفيف فصار الوجوب منسوخا في حق الأمة بالصلوات الخمس وبقي الاستحباب قال الله تعالى (فاقرؤوا ما تيسر منه) وبقي الوجوب في حق النبي صلى الله عليه وسلم وروي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم