سورة النحل من الآية 58 وحتى الآية 60
57 (ويجعلون لله البنات) وهم خزاعة وكنانة قالوا الملائكة بنات الله تعالى (سبحانه ولهم ما يشتهون) أي ويجعلون لأنفسهم البنين الذين يشتهونهم فيكون (ما) في محل النصب ويجوز أن يكون على الابتداء فيكون (ما) في محل الرفع 58 (وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا) متغيرا من الغم والكراهية (وهو كظيم) وهو ممتلئ حزنا وغيظا فهو يكظمه أي يمسكه ولا يظهره 59 (يتوارى) أي يختفي (من القوم من سوء ما بشر به) من الحزنوالعار ثم يتفكر (أيمسكه) ذكر الكناية ردا على (ما) (على هون) أي هوان (أم يدسه في التراب) أي يخفيه فيئذه وذلك أن مضر وخزاعة وتميما كانوا يدفنون البنات أحياء خوفا من الفقر عليهم وطمع غير الأكفاء فيهن وكان الرجل من العرب إذا ولدت له بنت وأراد أن يستحييها ألبسها جبة من صوف أو شعر وتركها ترعى له الإبل والغنم في البادية وإذا أراد أن يقتلها تركها حتى إذا صارت سداسية قال لأمها زينيها حتى أذهب بها إلى أحمائها وقد حفر لها بئر في الصحراء فإذا بلغ بها البئر قال لها انظري إلى هذه البئر فيدفعها من خلفها في البئر ثم يهيل على رأسها التراب حتى يستوي البئر بالأرض فذلك قوله عز وجل (أيمسكه على هون أم يدسه في التراب) وكان صعصعة عم الفرزدق إذا أحس بشيء من ذلك وجه إلى والد البنت إبلا يحييها بذلك فقال الفرزدق يفتخر به (وعمي الذي منع الوائدات فأحيا الوئيد فلم يوأد) (ألا ساء ما يحكمون) بئس ما يقضون لله البنات ولأنفسهم البنين نظيره (ألكم الذكر وله الأنثى تلك إذا قسمة ضيزى) وقيل بئس حكمهم وأد البنات 60 (للذين لا يؤمنون بالآخرة) يعني لهؤلاء الذين يصفون لله البنات ولأنفسهم البنين (مثل السوء) صفة السوء من الاحتياج إلى الولد وكراهية الإناث وقتلهن خوف الفقر (ولله المثل الأعلى) الصفة العليا وهي التوحيد وأنه لا إله إلا هو وقيل جميع صفات الجلال والكمال من العلم والقدرة والبقاء وغيرها من الصفات قال ابن عباس مثل السوء النار والمثل الأعلى شهادة أن لا غله إلا الله (وهو العزيز الحكيم)