جوابه محذوف اكتفاء بمعرفة السامعين مراده وتقديره لكان هذا القرآن كقول الشاعر (فاقسم لو شيء أتانا رسوله سواك ولكن لم نجد لك مدفعا) أراد لرددناه وهذا معنى قول قتادة قال لو فعل هذا بقرآن قبل قرآنكم لفعل بقرآنكم وقال الآخرون جواب لو مقدم وتقدير الكلام وهم يكفرون بالرحمن (ولو أن قرآنا سيرت به الجبال) كأنه قال لو سيرت به الجبال (أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى) لكفروا بالرحمن ولم يؤمنوا لما سبق من علمنا فيهم كما قال (ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله) ثم قال (بل لله الأمر جميعا) أي في هذه الأشياء إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل (أفلم ييأس الذين آمنوا) قال أكثر المفسرين معناه أفلم يعلم قال الكلبي هي لغة النخع وقيل هي لغة هوازن يدل عليه قراءة ابن عباس (أفلم يتبين الذين آمنوا) وأنكر الفراء أن يكون ذلك بمعنى العلم وزعم أنه لم يسمع أحدا من العرب يقول يئست بمعنى علمت ولكن معنى العلم فيه مضمر وذلك أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سمعوا هذا من المشركين طمعوا في أن يفعل الله ما سألوا فيؤمنوا فنزل (أفلم ييأس الذين آمنوا) يعني الصحابة رضي الله عنهم أجمعين من إيمان هؤلاء أي لم ييأسوا علما وكل من علم شيئا يئس من خلافه يقول ألم ييئسهم العلم (أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا) من كفرهم وأعمالهم الخبيثة (قارعة) أي نازلة وداهية تقرعهم من أنواع البلاء أحيانا بالجدب وأحيانا بالسلب وأحيانا بالقتل والأسر وقال ابن عباس أراد بالقارعة السرايا التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعثهم إليهم (أو تحل) يعني السرية أو القارعة (قريبا من دارهم) وقيل أو تحل أي تنزل أنت يا محمد بنفسك قريبا من ديارهم (حتى يأتي وعد الله) قيل يوم القيامة وقيل الفتح والنصر وظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم ودينه (إن الله لا يخلف الميعاد) وكان الكفار يسألون هذه الأشياء على سبيل الاستهزاء فأنزل الله تسلية لنبيه صلى الله عليه وسلم 32 (ولقد استهزيء برسل من قبلك) كما استهزؤا بك (فأمليت للذين كفروا) أمهلتهم وأطلت لهم المدة ومنه الملوان وهما الليل والنهار (ثم أخذتهم) عاقبتهم في الدنيا بالقتل وفي الآخرة بالنار (فكيف كان عقاب) أي عقابي لهم