أذهان الاصحاب آنذاك، نتيجة لتناولالنصوص النبوية له بكثرة وتكرار،وتأكيدها على ذم الابتداع، وانتقادها لهبشدة، ودعوتها الى ضرورة مواجهته،ومكافحته، واستئصاله، وتنكيلهابالمبتدعين، ووعدهم بأشد وأقسى أنواعالعقوبات الدنيوية والاخروية. وشأن (البدعة) في ذلك شأن المصطلحاتالاسلامية المنقولة الاخرى، التي كانتلها مداليل لغويّة معينة قبل النقل، وفيالاصطلاح اللغوي العام، إلا انهااستُعملت من قبل الشارع المقدس في معاناصطلاحية جديدة، واتخذت طابعاً شرعياًمحدداً لا تربطه مع المعنى السابق فيمجالات الاستعمال، الا تلك العلاقة التيجوَّزت عملية النقل، ونتيجة لكثرةاستعمال هذهِ المصطلحات المنقولة الجديدةفي حياة المسلمين في معانيها الشرعية، فقدبدأت الذهنية المتشرعة تهجر تلك المعانياللغوية القديمة، وتنصرف تلقائياً الىالمعنى الاصطلاحي الشرعي من دون حاجة الىذكر القرائن والقيود. فالصلاة، والزكاة، والحج، والخمس... وغيرذلك من المصطلحات الشرعية الاخرى، قد خضعتلعملية النقل هذه، وأخذت بعدها الواضح فيأذهان المسلمين، من خلال معانيها الشرعيةالجديدة. ومفهوم (البدعة) واحد من تلك المفاهيمالتي سلكت عين الطريق، وسارت في ذاتالمسار الذي ضمَّ الأعداد الغفيرة منالمنقولات. ولم يكن ليشك أحد بعد عملية النقل هذهِ فيدلالة لفظ (البدعة) على الحادث المذموم،والممارسة المقيتة والمرفوضة في نظرالشريعة الاسلامية، ولم يكن ليتردد شخص فيطبيعة المورد الذي يستعمل فيه هذاالمفهوم، بعد هذا التداول المتكرروالتأكيد الحثيث. ولكن بعد أن ورد لفظ (البدعة) في حديثالتراويح بالذات، انقلبت تلكَ الموازينوالمرتكزات، وتوقف إعمال الاسس العلميةالتي يتم بموجبها التعامل مع