بطلان القول بالتقسيم وبعد هذه الجولة السريعة في مجمل الآراءالتي تعرضت لتقسيم (البدعة) الى مذمومةوممدوحة، وملاحظة الخلفيات التي دعت الىالقول بهذا التقسيم، من خلال صراحة النصوصالمتقدمة، واعتمادها بشكل واضح على مقولة:«نعمت البدعة هذه»، ومَع هذا، فسواء أكانالتقسيم مبنياً على هذا الاساس وصحَّ هذاالأمر، أم لم يكن مبنياً على ذلك.. فسوفنذكر أدلتنا على بطلان القول بتقسيمالبدعة الى مذمومة وممدوحة، أو الىالأحكام الخمسة التي ادُّعيت في بعضالكلمات. ثم نتعرض بعد اتمام ذلك الى أقوال النافينللتقسيم من أعلام الفريقين. وقبل أن نستعرض أدلة نفي التقسيم، يجدربنا أن نشير الى انَّ القول بتقسيم(البدعة) يستند أساساً على الخلط بينالمعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي لهذاالمفهوم. فانّا لو كنّا مع مفهوم (البدعة) بمعناهاالمجرّد عن مراد الشريعة وقصدها، فانَّهاتعني: الأمر المحدث الذي ليس له سابق مثال،وهذا المعنى يتحمل أن يكون مذموماً، وأنيكون ممدوحاً، لأنَّ هناك اُموراً كثيرةتحدث وتُبتدع بعد عصر التشريع، مما لمتنلها الاحكام، والادلة الخاصة، فتتصفبالمدح تارةً، وبالذم اُخرى، بل يمكن أنتتصف بالعناوين الشرعية الخمسة أيضاً. ولكن بعدَ أن تضيَّقت دائرة دلالة هذاالمفهوم، وأصبح شاملاً لخصوص الأمرالمحدث الذي يُدخل في الدين من دون أن يكونله أصل شرعي فيه، فلا يمكن حينئذٍ ان نتصورله قسماً ممدوحاً بشكل مطلق. وأما أدلة نفي التقسيم فهي: الدليل الأول: هو انَّ الضرورة العقليةتقضي وتحكم بعدم امكانية طروّ وعروضالتقسيم على مفهوم (البدعة)، فمن خلال خلالالتدقيق في المعنى الاصطلاحي الواردلتحديد مفهوم (البدعة) في النصوص الشرعية،نلاحظ انَّ هذا المفهوم غير قابل للتقسيم