بحد ذاته أصلاً، ولا يمكن أن يعتريه أيّاستثناء أو استدراك أساساً، إذ انَّ معنى(البدعة) في الاصطلاح الشرعي هو: «ادخال ماليس من الدين فيه» كما تقدمت الاشارةاليه، وهذا يعني انَّ (البدعة) تشريع وضعيينصب نفسه في مقابل التشريع الالهيالمقدس، ويضاهي السنة الشريفة، ويتحدىتعاليم السماء، فهل يُعقل أن نتصور قسماًممدوحاً لمثل هذا اللون من الادخال؟ وهليمكن أن يتصف مثل هذا التشريع بالمدحوالإطراء؟! أو أن يتصف بواحدٍ من الاحكامالشرعية الخمسة غير التحريم المطلق؟ إنَّ شأن الابتداع في المصطلح الشرعي شأنالكذب على اللّه ورسوله صلّى الله عليهوآله وسلّم، أفهل يُعقل أن يكون هناك قسمممدوح لهذا اللون من الكذب؟ وهل يقول أحدبانَّ هناك كذباً وافتراءاً على اللّهورسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم يتصفبالمدح، أو الاباحة، أو حتى بالكراهةوالعياذ باللّه؟!. الدليل الثاني: إنَّ اللغة التي تحدثت بهاالنصوص الشرعية حول مفهوم (البدعة) تأبىالتقسيم المذكور أيضاً، فقد مرَّ انَّهذهِ النصوص المستفيضة جعلت (البدعة)ندّاً مقابلاً للسنة، وضدّاً لا يلتقيمعها أبداً، وذمت المبتدع وأكالت له أنواعالذم، والتوبيخ والتقريع، وأوعدت بعذابالمبتدع بأقسى أنواع العقوبات الدنيوية،والاخروية، ودعت الى مقاطعته، وهجرانه،وأطلقت القول بعدم قبول توبته... فكيف يمكنمع كل هذا أن يكون هناك قسم ممدوحللابتداع؟ وكيف يمكن لهذا القسم أن يتخطىهذا الحجم الغفير من النصوص الصريحة،ويحيد عنها نحو اتجاه آخر، لا أثر له ولادليل عليه؟. الدليل الثالث: ورد في الحديث المتفق عليهبين الفريقين انَّ النبي صلّى الله عليهوآله وسلّم قال: «.. ألا وكل بدعة ضلالة،ألا وكل ضلالة في النار»(1)، وورد بلفظ: (1) محمد باقر المجلسي، بحار الانوار، ج: 2،كتاب العلم، باب: 32، ح: 12، ص: 263.