المحدَث الذي وردَ في حديث عائشة: «ماأحدثَ في أمرنا هذا ما ليسَ منه فهو رد»(1). 3 - أبو اسحاق الشاطبي: وهو يفصّل القولبابطال تقسيم البدعة إلى ممدوحة ومذمومةفي الاصطلاح الشرعي، ويقصرها على خصوصمورد الذم من خلال أدلة وحجج كثيرة، فيقولبشأن النصوص الشرعية التي تناولت مفهوم(البدعة) بالذم والتقريع: «انَّها جاءتمطلقة عامة على كثرتها، لم يقع فيهااستثناء البتة، ولم يأتِ فيها مما يقتضيأنَّ منها ما هو هدى، ولا جاءَ فيها: كلبدعةٍ ضلالة إلا كذا وكذا، ولا شيءَ منهذهِ المعاني، فلو كانَ هناكَ محدثة يقتضيالنظر الشرعي فيها الاستحسان، أو أَنّهالاحقة بالمشروعات، لذُكر ذلكَ في آيةٍ أوحديث، لكنَّه لا يوجد، فدلَّ على أنَّتلكَ الأدلة بأسرها على حقيقة ظاهرها منالكلية، التي لا يتخلف عن مقتضاها فرد منالأفراد.. إنَّ معتقَّل البدعة يقتضي ذلكَبنفسه، لأنَّه من باب مضادة الشارع،واطّراح الشرع، وكل ما كانَ بهذه المثابةفمحال أن ينقسم إلى حسنٍ وقبيح، وأن يكونمنه ما يمدحُ ما يُذم»(2). ويقول منتقداً الرأي القائل بتقسيم(البدعة) إلى أحكام الشريعة الخمسة: «إنَّ هذا التقسيم أمر مخترع لا يدل عليهدليل شرعي، بل هو في نفسه متدافع، لأنَّ منحقيقة البدعة أن لا يدل عليها دليل شرعي،لا من نصوص الشرع، ولا من قواعده، إذ لوكانَ هناك ما يدل من الشرع على وجوب، أوندبٍ، أو إباحة، لما كانَ ثَمَّ بدعة،ولكان العمل داخلاً في عموم الأعمالالمأمور بها، أو المخيَّر فيها، فالجمعبينَ تلكَ الأشياء بدعاً، وبين كون الأدلةتدل على وجوبها، أو ندبها، أو إباحتها،جمع بينَ متنافيين»(3). (1) ابن حجر العسقلاني، فتح الباري بشرحصحيح البخاري، ج: 4، ص: 252. (2) أبو اسحاق الشاطبي، الاعتصام، ج: 1، ص:141. (3) أبو اسحاق الشاطبي، الاعتصام، ج: 1، ص: 191- 192.