فكل هذهِ الامور لا علاقة لها بالابتداع،وإن كانت اُموراً حادثة، وغير موجودةسابقاً في عصر التشريع الأول، لأنهاموكولة الى طبيعة انتخاب الانسان لأساليبحياته المتنوعة، وراجعة الى طريقته فيالتعامل مَعَ الأشياء التي تزخر بهاحياته، ومرتبطة بقدرته على تسخير الطاقةالكامنة في هذا الوجود، واكتشاف الاسرارالمودعة في هذا الكون لصالح تقدمه ورقيِّهوتطوره.. بما لا يصطدم - طبعاً - مَعَ تعاليمالشرع المقدَّس، ويوجب الاخلال بالنظامالاجتماعي العام. وقد حاول بعض المتحجرين مما يتسمّى باسمالعلماء توسعة معنى (البدعة)، وجعلهشاملاً لكل أمرٍ حادث لم يكن في زمن رسولاللّه صلّى الله عليه وآله وسلّم، ولوكانت تُشم منه رائحة الارتباط بالدين، تحتغطاء الحرص على الشريعة الاسلامية، وبذلغاية الوسع في الذبِّ عنها. وقد تفشَّت هذهِ الظاهرة عند (الوهابيين)بشكل ملفت للنظر، وخارق للحدود المشروعة،وأخذوا يطلقون كلمة (البدعة) على الصغيرةوالكبيرة في حياة الناس، بحجة عدم وجودهافي زمن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم،أو عدم فعل السلف لها!، أو عدم ورود النصالخاص بها من رسول اللّه صلّى الله عليهوآله وسلّم. فقد تصوّر الكثير من هؤلاء ان كل أمرٍشرعي لا بدَّ أن يردَ بشأنه النص الخاصالمشير اليه بشكل صريح، وانَّ كل ما لم يردبشأنه دليل شرعي خاص، فانَّه مندرج فيقائمة الابتداع، ومتصف بهذا العنوان،وكأنَّ الشريعة الاسلامية شريعة عقيمة،لا تمتلك الضوابط العامة، والقوانينالكلية، لتعدد بتعدد الموارد، والموضوعاتالمستجدة والمتنوعة. وكان على رأس هذه المدرسة (ابن تيمية) الذيغرس بذور الفرقة والشقاق في عقائدالمسلمين باتهاماته هذه، وأخذ يرميالمسلمين الموحّدين بألوان شتى من التهموالافتراءات التي ما أنزل اللّه بها منسلطان، متذرعاً بمفهوم الابتداع،ومتوسلاً