زرارة، فذُبحت لهم شاة فكفتهم»(1). إذن فمشروعية الاجتماع للاحتفالوالابتهاج بالذكريات الدينية المهمة نزعةإنسانية، تسير جنباً الى جنب مَعَ الفطرةالبشرية، وتنبعث طبيعياً ما دام الانسانيحيا في جوِّ الجماعة الانسانية، ولذا نرىانَّ المسلمين لم يتخلفوا عن مجاراة هذاالسلوك الانساني في مناسباتهم الدينيةالمختلفة، وهذا الذي ينقله لنا (ابن تيمية)واحد من عشرات المظاهر التي كانت تعبِّرعن هذا الواقع، وتعكسه في حياة المسلمين،بما يتناسب وينسجم مَعَ طبيعة الأعرافوالتقاليد والاهتمامات التي كانت تحكمالمجتمع آنذاك، الأمر الذي يدلل على أنَّجذور إقامة الاحتفال، والاجتماع لاحياءالذكريات الاسلامية كانت ممتدة الىبدايات عصر ظهور الدعوة الاسلاميةالمباركة. ولقد كان رأي الاستاذ (سعيد حوّى) أكثرتحرراً واعتدالاً من آراء الآخرين في هذهِالمسألة، حين دعم القول بجواز إحياءالذكريات الاسلامية عموماً وذكرى مولدالنبي الاكرم صلّى الله عليه وآله وسلّمعلى نحو الخصوص، بالأدلة المقنعة، وحَمَلعلى المتشددين الذين لم يحسنوا فهم معنى(الابتداع)، على الرغم من انّه لم يبرحعاكفاً على الايمان بأنَّ (البدعة) تنقسمالى مذمومة وممدوحة، فيقول: «والذي نقوله: أن يعتمد شهر المولدكمناسبة يُذكّر بها المسلمون بسيرة رسولاللّه صلّى الله عليه وآله وسلّم وشمائله،فذلكَ لا حرج، وأن يعتمد شهر المولد كشهرتهيج فيه عواطف المحبة نحو رسول اللّهصلّى الله عليه وآله وسلّم، فذلكَ لا حرجَفيه، وأن يُعتمد شهر المولد كشهر يكثر فيهالحديث عن شريعة رسول اللّه صلّى اللهعليه وآله وسلّم، فذلكَ لا حرج فيه، وانّمما اُلف في بعض الجهات أن يكون الاجتماععلى محاضرة وشعر، أو انشادٍ في مسجد، أو فيبيتٍ بمناسبة شهر المولد، فذلكَ مما أرىحرجاً فيه، على شرط أن يكون المعنى الذييُقال صحيحاً. إنَّ أصل الاجتماع على صفحةٍ من السيرة،أو على قصيدة في مدح رسول اللّه صلّى اللهعليه وآله وسلّم (1) ابن تيمية، إقتضاء الصراط المستقيم، ص:304.