العام، واستمد صيامُه لذلك اليومالشرعيةَ من خلال هذا الدليل، فيستطيع أنينسب صيامه الى الشريعة، ويقول بانَّ هذاالصيام مستفاد من الشريعة الاسلامية وهوجزء من تعاليمها الثابتة. وأمّا إذا نُسب خصوص العمل الذي مارسه الىالدين، وقال بأنَّ صيام هذا اليوم بعينهوخصوصياته مطلوب من قبل الشريعة، في الوقتالذي لا يوجد بشأنه أي دليل خاص، فقد قصدالتشريع، ولا يُشك في كونه قد أدخل فيالدين ما ليس منه، إذ انَّ الشريعة لم تطلبصيام ذلك اليوم بعنوانه الخاص، وانَّماندبت الى الصيام بشكل عام. وهكذا لو اتخذ الانسان ذكراً، أو دعاءاً،أو نسكاً معيناً، لم يرد به دليل خاص،ولكنّه يندرج تحت عموميات التشريع، كأنألزم نفسه بالاستغفار في كل يوم، أو بعد كلفريضة (أربعين مرةً) مثلاً، أو بالصلاةعدداً من الركعات تطوعاً للّه مثلاً، فانادّعى انَّ هذا العمل مطلوب بخصوصه من قبلالشرع، وقصد نسبته الى الدين بالعنوانالخاص فهو مبتدع، وإن كان يأتي به بعنوانالامتثال والجري على مقتضى الأدلةالعامة، فهو داخل في دائرة الندب. ومن الطبيعي انَّ كل تلك الممارساتالمشروعة والمنسوبة الى الدين عن طريقالدليل العام يجب أن لا تصطدم مَعَ أيعنوان تحريمي آخر، ولا تكتسب هذا الطابعبأي نحو كان، وإلا فانّ التحريم يشملها منهذا الوجه، كما لو شقَّ الانسان على نفسهبالعبادة والنوافل والاذكار المشروعةبالدليل العام الى درجة الرهبنة والقسوةبالنفس والاضرار بها، فان العمل يخرج بذلكعن نطاقه المشروع، ويكتسب عناوين ثانويةاُخرى. ونفس الامر يقال بصدد الأعمال المباحةالتي لم يرد فيها دليل خاص أو عام، فحينيأتي بها المكلف من دون قصد التشريع، ولاتكتسب عنواناً تحريمياً معيَّناً، فهيباقية على وضعها الأولي، وأمّا إذا قصدالمكلف نسبتها الى الشريعة، فانها تتحولالى (بدعة)، لانَّه أدخل في الدين ما ليسمنه.