*ما ورد من أنَّ امير المؤمنين علياً عليهالسلام قد خالف رأي عمر وعثمان في شأن متعةالحج، حيثُ قال عمر وعثمان بعدم جوازها،وشرَّعا تحريمها، وعدم جواز وصلها بالحج،وأمّا أمير المؤمنين علي عليه السلام فقدقال بجوازها، وجواز الجمع بينها وبينالحج، ومن ثمَّ فقد جسَّد علي عليه السلامهذهِ المخالفة عملياً، ليثبت أنَّ سنةرسول اللّه صلّى الله عليه وآله وسلّم أحقأن تُتَّبع. والملاحظ أنَّ عمر هو الذي نهى عن متعةالحج باجتهاده الشخصي، وتبعه على ذلكعثمان أيضاً، ولم يكن علي عليه السلاميرضى ذلك، وكانَ يبيِّن للناس انّ هذاالعمل خلاف السنة النبوية الثابتة، وانَّالنهي عن متعة الحج (بدعة) حدثت في الدين منبعد وفاة رسول اللّه صلّى الله عليه وآلهوسلّم. وبناءً على الضوابط التي طالعناها سابقاًفي بحث (البدعة) من دراستنا هذهِ، نستطيعأن نكتشف بسهولة أنَّ نهي عمر وعثمان عنمتعة الحج داخل في عداد (الابتداع)،وخصوصاً إذا رأينا انَّ عمر بنفسه يصرّحبأنَّ هذا العمل كانَ موجوداً على عهدرسول اللّه صلّى الله عليه وآله وسلّموانَّه هو الذي رأى أن ينهى عنه، مبرراًذلك برأيه واجتهاده الشخصي، وكأنَّ رسولاللّه صلّى الله عليه وآله وسلّم حينماشرَّع (متعة الحج) لم يكن ملتفتاً إلي هذهِالنكتة، وهذا التبرير، فاستدرك عليه عمر،وتلافى الأمر من بعده صلّى الله عليه وآلهوسلّم!! جاءَ في (كنز العمال) ما نصُّه: «عن عمر قال: متعتان كانا على عهد رسولاللّه صلّى الله عليه وآله وسلّم أنهىعنهما واُعاقب عليهما: متعة النساء، ومتعةالحج»(1). وفيه أيضاً: «عن أبي قلافة انَّ عمر قال:متعتان كانتا على عهد رسول اللّه صلّىالله عليه وآله وسلّم أنا أنهى عنهما،وأضربُ فيهما»(2)!! وعن جابر قال: «تمتعنا متعة الحج، ومتعةالنساء على عهد رسول اللّه صلّى الله عليهوآله وسلّم، فلما (1) علاء الدين الهندي، كنز العمال، ج: 16، ح:45715، ص: 519. (2) علاء الدين الهندي، كنز العمال، ج: 16، ح:45722، ص: 521.