- نشهد أن لا اله الا اللّه، ولا نعرفمحمداً، قال عليه السلام:
- فانَّه رسول اللّه! قالوا:
- لا نعرفه بذلك، إنّما هو أعرابي دعا إلىنفسه، فقال عليه السلام:
- إن أقررتُم والا قتلتكم، قالوا:
- وان فعلتَ!
فوكّل بهم شرطة الخميس، وخرج بهم إلىالظهر ظهر الكوفة، وأمَرَ ان يُحفرحفرتين، وحفر إحداهما الى جنب الاخرى، ثمخرق فيما بينهما كوّة ضخمة شبه الخوخة،فقال لهم:
- إنّي واضعكم في أحد هذين القليبين،واُوقد في الآخر النار، فاقتلكم بالدخان،قالوا:
- وان فعلتَ، فانما تقضي هذهِ الحياةالدنيا!!
فوضعهم في أحد الجبّين وضعاً رفيقاً،ثَّم أمَرَ بالنار فأوقدت في الجبّ الآخر،ثم جعل يناديهم مرّة بعد مرّة:
- ما تقولون؟ فيجيبون:
- فاقضِ ما أنت قاضٍ!!
حتى ماتوا»(1).
2 - وعن عنبسة بن مصعب قال: قال لي أبو عبداللّه عليه السلام:
- أيّ شيء سمعت من أبي الخطّاب(2)؟ قلت:(1) محمد باقر المجلسي، بحار الانوار، ج: 38،باب: 58، ح، 13، ص: 60 - 61.
(2) أبو الخطّاب الاسدي: وهو محمد بن مقلاصالاسدي الكوفي، كانَ رجلاً من الموالي،اشتهر بكنيته دونَ اسمه، فالشهرستانييذكره على انَّه محمد بن زينب الاسديالاجدع، والمقريزي يثبته: محمد بن أبيثور، ويذكر انَّه قيل في اسمه: محمد بنيزيد الأجدع، وأبو جعفر بن بابويه يذكرانَّ اسم أبي الخطّاب زيد.. إلى آخر ما فيهمن الاختلاف.
ظهر هذا الرجل في الكوفة، وكان المجتمعيموج بالتيارات السياسية، والدعوةالعباسية تشق طريقها إلي النجاح بسرعة،فاستغل ذلك الظرف الذي يأمل فيه نجاحمهمته في نشر دعوته الالحادية، فدعى إلىعقيدة عُرف أتباعها بالخطابية، وساعدتهالظروف المؤاتية أن يجمع حوله تلاميذيلقنهم تعاليمه، ويرسم لهم خطط الدعوةوالتجمع والظهور، وكانت حركتهم سرّيةمحكمة، وهي حركة سياسية من جهة وعقائديةمن جهة اخرى، وتلتقيان في نقطة العداءللاسلام.
ولم تدون عقائد أبي الخطّاب في كتب سطرتهاأقلام أتباعه، وانّما اُخذت من غيرهم،وهذا ما يجعلنا نتردد في بعض ما نُسب إليه،وقد أجمعت الشيعة على لعن أبي الخطّاب،وتكفيره، والبراءة منه، وانَّه غالٍملعون كما هو مذكور في كتب الرجال والحديثوالتأريخ.
قد اتسعت حركة أبي الخطاب في ذلك الجوالمضطرب، واستغل فرصة الدعوة لأهل البيتعليهم السلام والانتقام من أعدائهم،فاعلنَ مبدأه وأظهر عقيدته المخالفة لروحالاسلام، والتي لا تتصل بأهل البيت عليهمالسلام بأي صلة، ولما بلغ ذلك إلى الامامالصادق عليه السلام اهتم غاية الاهتمامبفتنة أبي الخطاب، وخاف عاقبتها السيئةالتي تعود على صفوف المسلمين بالفرقة،وعلى جمعهم بالشتات، وهو عليه السلام فيذلك العصر يبذل جهده في التوجيه إلىالالتزام بتعاليم الدين لتجتمع كلمةالمسلمين، فيكونوا صفّاً واحداً يردّونكلّ خطر يهدد المجتمع الاسلامي.
(أسد حيدر، الامام الصادق والمذاهبالاربعة، المجلد الثاني، ص: 374 - 375).