بِشبٍّ(1) نفعه، وتزعم أنَّ الدود الأحمرالذي يُصاب تحت الأرض نافع للآكلة؟ قال:نعم. ثمَّ قال عليه السلام: فأمّا البعوض والبقفبعض سببه أنّه جُعل ارزاق بعض الطير،وأهان بها جباراً تمرد على اللّه وتجبر،وأنكر ربوبيته، فسلّط اللّه عليه أضعفخلقه ليريه قدرته وعظمته، وهي البعوضةفدخلت في منخره حتّى وصلت إلى دماغهفقتلته. واعلم أنا لو وقفنا على كل شيءخلقه اللّه تعالى لِمَ خلقه؟ ولأي شيءأنشأه؟ لكنّا قد ساويناه في علمه، وعلمناكلّما يعلم واستغنينا عنه، وكنّا وهو فيالعلم سواء. قال: فأخبرني هل يُعاب شيء من خلق اللّهوتدبيره؟ قال عليه السلام: لا. قال: فإنَّ اللّه خلق خلقه غرلاً(2)، أذلكمنه حكمة أو عبث؟ قال عليه السلام: بل حكمة منه. قال: غيرتم خلق اللّه، وجعلتم فعلكم فيقطع الغلفة أصوب ممّا خلق اللّه لها،وعبتم الأغلف واللّه خلقه، ومدحتم الختانوهو فعلكم. أم تقولون انَّ ذلك من اللّهكان خطأً غير حكمة؟! قال عليه السلام: ذلك من اللّه حكمةوصواب، غير أنّه سنَّ ذلك وأوجبه علىخلقه، كما أنّ المولود إذا خرج من بطنأُمّه وجدنا سرّته متصلة بسرة أُمة كذلكخلقها الحكيم فأمر العباد بقطعها، وفيتركها فساد بيِّن للمولود والأُمّ، وكذلكأظفار الإنسان أمَرَ إذا طالت أن تقلم،وكان قادراً يوم دبّر خلق الإِنسان أنيخلقها خلقة لا تطول، وكذلك الشَّعر منالشّارب والرّأس يطول فيجز، وكذلكالثيران خلقها اللّه فحولة واخصاؤهاأوفق، وليس في ذلك عيب في تقدير اللّه عزّوجلّ. قال: ألست تقول: إنَّ اللّه تعالى قال:(أُدعُوني أَستَجِب لَكُم)(3)، وقد نرى (1) الشَّبُّ: دواء معروف، وقيل: الشب شيءيشبه الزاج - لسان العرب 1 / 483. (2) الغرلة: مثل القفلة وزناً ومعنىً، وغرلغرلاً، من باب تعب: إذا لم يختن - المصباح 2 /113. (3) غافر: 60.