قال: فلو أنَّ اللّه تعالى ردّ إِلينا منالأموات في كل مائة عام واحداً لنسألهعمّن مضى منّا، إِلى ما صاروا وكيف حالهم،وماذا لقوا بعد الموت، وأي شيء صنع بهم،ليعمل النّاس على اليقين، واضمحل الشكّ،وذهب الغل عن القلوب. قال عليه السلام: إنَّ هذه مقالة من أنكرالرسل وكذّبهم، ولم يصدق بما جاءوا به منعند اللّه، إِذا أخبروا وقالوا: إِنَّاللّه أخبر في كتابه عزّ وجلّ على لسانأنبيائه، حال من مات منّا، أفيكون أحدأصدق من اللّه قولاً ومن رسله. وقد رجع إِلى الدنيا ممّن مات خلق كثير،منهم «أصحاب الكهف» أماتهم اللّهثلاثمائة عام وتسعة، ثم بعثهم في زمان قومأنكروا البعث، ليقطع حجّتهم، وليريهمقدرته، وليعلموا أنَّ البعث حقّ. وأمات اللّه «أرمياء» النّبي عليه السلامالذي نظر إِلى خراب بيت المقدس وما حولهحين غزاهم بخت نصَّر(1)، وقال: (أنّى يُحييِهذِهِ اللّهُ بَعدَ مَوتِها فَأماتَهُاللّهُ مِائَةَ عامٍ)(2) ثمّ أحياه ونظر إلىأعضائه كيف تلتئم، وكيف تلبس اللّحم، وإلىمفاصله وعروقه كيف توصل، فلمّا استوىقاعداً قال: (أعلَمُ أَنَ اللّهَ عَلىكُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ)(3). وأحيا اللّه قوماً خرجوا عن أوطانهمهاربين من الطاعون لا يحصى عددهم، فأماتهماللّه دهراً طويلاً حتّى بليت عظامهم،وتقطعت أوصالهم، وصاروا تراباً، فبعثاللّه في وقت أحبّ أن يرى خلقه قدرته نبياًيُقال له: «حزقيل»(4) فدعاهم فاجتمعتأبدانهم، ورجعت فيها أرواحهم، وقامواكهيئة يوم ماتوا، لا يفقدون من أعدادهمرجلاً، (1) قال الفيروزآبادي: بخت نصَّر بالتشديد،أصله: بوخت ومعناه: إبن، ونصَّر كبقَّم:صنم، وكان وُجد عند الصنم ولم يعرف له أبفنسب إليه، خرّب القدس! القاموس 2 / 143. (2) البقرة: 259. (3) نفس المصدر. (4) حزقل أو حزقيل، كزبرج وزنبيل: إسم نبيمن الأنبياء عليهما السلام - القاموس 3 / 357.