قال: أوضح لي ذلك! قال عليه السلام: إنَّ الروح مقيمة فيمكانها، روح المحسن في ضياء وفسحة، وروحالمسيء في ضيق وظلمة، والبدن يصير تراباًكما منه خلق، وما تقذف به السّباع والهواممن أجوافها ممّا أكلته ومزّقته كل ذلك فيالتراب محفوظ عند من لا يعزب عنه مثقال ذرةفي ظلمات الأرض، ويعلم عدد الأشياءووزنها، وإنّ تراب الروحانيين بمنزلةالذهب في التّراب، فإذا كان حين البعثمطرت الأرض مطر النشور، فتربو الأرض ثمّتمخضوا مخض(1) السقاء، فيصير تراب البشركمصير الذهب من التراب إذا غسل بالماء،والزبد من اللبن إذا مخض، فيجتمع تراب كلقالب إِلى قالبه، فينتقل بإذن اللّهالقادر إلى حيث الروح، فتعود الصور بإذنالمصوّر كهيئتها، وتلج الرّوح فيها، فإذاقد استوى لا ينكر من نفسه شيئاً. قال: فأخبرني عن النّاس يحشرون يومالقيامة عراة؟ قال عليه السلام: بل يحشرون في أكفانهم. قال: أنّى لهم بالأكفان وقد بليت؟! قال عليه السلام: إنَّ الذي أحيا أبدانهمجدّد أكفانهم. قال: فمن مات بلا كفن؟ قال عليه السلام: يستر اللّه عورته بمايشاء من عنده. قال: أفيعرضون صفوفاً؟ قال عليه السلام: نعم هم يؤمئذ عشرونومائة ألف صف في عرض الأرض. قال: أوَليس توزن الأعمال؟ قال عليه السلام: لا، إنَّ الأعمال ليستبأجسام، وإنّما هي صفة ما عملوا، وإنّمايحتاج إلى وزن الشيء من جهل عدد الأشياء،ولا يعرف ثقلها وخفّتها، وإنَّ الله لايخفى عليه شيء. (1) مخض اللبن، يمخضه: أخذ زبده - القاموس 2 /343.