يلزمان من دان بهما وتقلَّدهما الباطلوالكفر وتكذيب الكتابِ، ونعوذ باللّه منالضلالةِ والكفرِ، ولسنا ندين بجبرٍ ولاتفويضٍ، لكنّا نقولُ بمنزلةٍ بينالمنزلتينِ وهو الامتحانُ والاختبارُبالاستطاعةِ التي ملَّكنا اللّه، وتعبدنابها على ما شهد به الكتابُ، ودان بهالأئمةُ الأَبرارُ من آل الرسول صلواتاللّه عليهم. ومثل الاختبار بالاستطاعة مثل رجلٍ ملكعبداً وملكَ مالاً كثيراً أحبَّ أن يختبرعبده على علم منه بما يؤل إليه، فملَّكه منماله بعض ما أحب ووقفه(1) على اُمورٍ عرفهاالعبد، فأمره أن يصرف ذلك المال فيها،ونهاهُ عن أسبابٍ لم يحبها، وتقدَّم إليهأن يجتنبها ولا ينفق من ماله فيها، والماليتصرَّف في أي الوجهين، فصرف المال(2)أحدهما في اتَّباع أمر المولى ورضاهُ،والآخر صرفه في اتِّباع نهيه وسخطه،وأسكنه دار اختبارٍ أعلمه أنه غير دائم لهالسكنى في الدار، وأنَّ له داراً غيرهاوهو مخرجه إليها، فيها ثواب وعقابٌدائمانِ، فإن أنفذ العبد المال الذي ملكهمولاه في الوجه الذي أمره به جعل له ذلكالثواب الدائم في تلك الدار التي أعلمهأنه مخرجه إليها، وإن أنفق المال في الوجهالذي نهاه عن إنفاقه فيه جعل له ذلك العقابالدائم في دار الخلود، وقد حد المولى فيذلك حدّاً معروفاً وهو والمسكن الذي أسكنهفي الدار الاولى، فإذا بلغ الحد استبدلالمولى بالمال وبالعبد على أنه لم يزلمالكاً للمال والعبد في الأوقات كلها إلاأنه وعد أن لا يسلبه ذلك المال ما كان فيتلك الدار الاولى إلى أن يستتم سكناهفيها، فوفى له، لأنَّ من صفات المولىالعدل والوفاء والنصفة والحكمة، أو ليسيجب أن كان ذلك العبد صرف ذلك المال فيالوجه المأمور به أن يفي له بما وعده منالثواب، وتفضل عليه بأن استعمله في دارفانيةٍ، وأثابه على طاعته فيها نعيماًدائماً في دارٍ باقيةٍ دائمة، وان صرفالعبد المال الذي ملكه مولاه أيام سكناهتلك الدار الاولى في الوجه المنهي عنه،وخالف أمر مولاه كذلك (1) في بعض النسخ (ووافقه). (2) في بعض النسخ (فصرف الآن).