حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعرجِ حَرَجٌ)(1)،فقد رفع عن كل من كان بهذه الصفة الجهاد،وجميع الأعمال التي لا يقوم بها، وكذلكأوجب على ذي اليسار الحجَّ والزكاة لماملَّكهُ من استطاعة ذلك، ولم يوجب علىالفقير الزكاة والحج، قولهُ: (وَللّهالنَّاس حِج البيتِ مَنِ استَطاع إليهسَبيلاً)(2)، وقوله في الظهار: (والَّذينيُظاهِرُون مِن نِسائِهِم ثُم يَعُودُونلِما قالُوا فتَحريُر رَقَبةٍ - الى قوله -فَمَن لَم يستطِع فإطعامُ سِتِّينَمِسكيناً)(3). كل ذلك دليلٌ على أنَّ اللّه تبارك وتعالىلم يكلّف عبادَهُ إلا ما ملَّكهماستطاعتهُ بقُوَّةِ العمل به ونهاهم عنمثل ذلك، فهذه صحة الخلقة. وأما قوله: تخلية السربِ(4). فهو الَّذي ليسعليه رقيب يحظر عليه ويمنعه العمل بماأمره اللّه به، وذلك قوله فيمن استضعفوحظر عليه العمل فلم يجد حيلةً ولا يهتديسبيلاً، كما قال اللّه تعالى: (إلاالمُستَضعفينَ مِنَ الرِّجالِوالنِّساءِ والوِلدانِ لا يَستطيعُونحيلَةً ولا يَهتدُون سَبيلاً)(5)، فأخبرأنَّ المستضعف لم يخل سربه، وليس عليه منالقول شيءٌ إذا كان مطمئنَّ القلبِبالإيمانِ. وأمَّا المهلةُ في الوقت فهو العمر الذييُمتَّع الإنسان من حدِّ ما تجب عليهالمعرفة إلى أجل الوقتِ، وذلك من وقتتمييزه وبلوغ الحلم إلى أن يأتيه أجله. فمنمات على طلب الحقِّ ولم يدرك كماله فهو علىخيرٍ، وذلك قوله: (وَمَن يَخرُج مِن بَيتِهمُهاجِراً إِلى اللّهِ وَرَسُولِه)(6)، وإنكانَ يعمل بكمال شرايعه لعلَّه ما لميمهله في الوقت إلى استتمام أمره. وقد حظرعلى البالغ ما لم يحظر على الطِّفل إذا لميبلغ الحلم في قوله: (وَقُل (1) النور: 60 - الفتح: 17. (2) آل عمران: 97. (3) المجادلة 3 - 4. (4) السرب - بالفتح والكسون -: الطريق، يقال:«فلان مخلّى السّرب» أي غير مضيق عليه. (5) النساء: 98. (6) النساء: 100.