وتعاملاته المختلفة، مع نفسه ومع اسرته،ومع مجتمعه، ومع خالقه... بما يضمن سيره فيطريق الكمال، واتجاهه نحو السعادةالأبدية، والخلود الدائم، والنعيمالمقيم، الذي خُلق الانسان من أجل بلوغهوادراكه، فهو الكائن الاجتماعي الذييأتلف مع باقي البشر من أبناء جنسه،وينصهر معهم في مختلف الرؤى والاهداف،فيشكل بذلك جزءاً فاعلاً في المجتمع الذيينتمي إليه، ويحقق من خلال السلوك المتزن،والهدي الاسلامي الرفيع أمل الرسالةالمعقود عليه، وهو الطاعة والعبادة للّهوحده، قال تعالى: (وَما خَلَقتُ الجِنَّ وَالإنسَ إلالِيعبُدونِ)(1). ولنا أن نقطع بانَّ هذا الشمولوالاستيعاب يكمن في انبثاق هذه التعاليموالقوانين التشريعية من عالم الغيبوالكمال المطلق، واتصالها بالقدرةالالهية المهيمنة على هذا الكون،والمدركة لجميع مصالحه ومفاسده بكل تفصيل. كما انَّ اليد الالهية هي التي تقف وراءحفظ هذهِ التعاليم والذب عنها إلى آخرلحظة في الوجود، يقول اللّه عزَّ شأنه: (إنّا نحنُ نُزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإنّالهُ لَحافظُونَ)(2). إذن فهناك عنصران رئيسيان يقفان وراءديمومة وبقاء الشريعة الاسلامية المقدسةفي حياة الانسان، وهما: استيعاب مساحةالتطبيق، وغيبية النشوء، وهذا الأمر نجدهمفقوداً في كل القوانين والانظمةوالنظريات الوضعية التي حاولت معالجةمشكلة الكون والانسان، وسعت إلى رسمالمسار الصحيح للبشرية، وتشخيص الوضعالأمثل لها، لأنَّها تفتقد لكلا العنصرينالمتقدمين، فهي محدودة ضمن إطار المكانالذي تتحرك عليه، والزمان الذي تُطبق فيهمن جانب، ومن جانب آخر نرى انَّها ناشئة منمعطيات (1) الذاريات: 56. (2) الحجر: 9.