7 / 2
لِقاءُ اللّهِ
1377 . إرشاد القلوب ـ في حديث المعراج ـ : [قالَ اللّهُ تعالى :] يا أحمَدُ ، هَل تَدري أيُّ عَيشٍ أهنى ، وأيُّ حَياةٍ أبقى؟ قالَ : اللّهُمَّ لا . قالَ : أمَّا العَيشُ الهَنيءُ فَهُوَ الَّذي لا يَفتُرُ صاحِبُهُ عَن ذِكري ، ولا يَنسى نِعمَتي ، ولا يَجهَلُ حَقّي ، يَطلُبُ رِضايَ لَيلَهُ ونَهارَهُ . وأمَّا الحَياةُ الباقِيَةُ فَهِيَ الَّتي يَعمَلُ لِنَفسِهِ حَتّى تَهونَ عَلَيهِ الدُّنيا وتَصغُرَ في عَينَيهِ ، وتَعظُمَ الآخِرَةُ عِندَهُ ، ويُؤثِرَ هَوايَ عَلى هَواهُ ، ويَبتَغيَ مَرضاتي ، ويُعَظِّمَ حَقَّ عَظَمَتي ، ويَذكُرَ عِلمي بِهِ ، ويُراقِبَني بِاللَّيلِ وَالنَّهارِ عِندَ كُلِّ سَيِّئَةٍ ومَعصِيَةٍ ، ويَنفيَ قَلبَهُ عَن كُلِّ ما أكرَهُ ، ويُبغِضَ الشَّيطانَ ووَساوِسَهُ ، لا يَجعَلَ لاِءِبليسَ عَلى قَلبِهِ سُلطانا وسَبيلاً . فَإِذا فَعَلَ ذلِكَ أسكَنتُ في قَلبِهِ حُبّا حَتّى أجعَلَ قَلبَهُ لي ، وفَراغَهُ وَاشتِغالَهُ وهَمَّهُ وحَديثَهُ مِنَ النِّعمَةِ الَّتي أنعَمتُ بِها عَلى أهلِ مَحَبَّتي مِن خَلقي ، وأفتَحَ عَينَ قَلبِهِ وسَمعِهِ حَتّى يَسمَعَ بِقَلبِهِ ويَنظُرَ بِقَلبِهِ إلى جَلالي وعَظَمَتي ، واُضَيِّقَ عَلَيهِ الدُّنيا ، واُبَغِّضَ إلَيهِ ما فيها مِنَ اللَّذّاتِ ، واُحَذِّرَهُ مِن الدُّنيا وما فيها كَما يُحَذِّرُ الرّاعي غَنَمَهُ مِن مَراتِعِ الهَلَكَةِ . فَإِذا كانَ هكَذا يَفِرُّ مِنَ النّاسِ فِرارا ، ويَنقُلُ مِن دارِ الفَناءِ إلى دارِ البَقاءِ ، ومِن دارِ الشَّيطانِ إلى دارِ الرَّحمنِ . يا أحمَدُ ، لاَُزَيِّنُهُ بِالهَيبَةِ وَالعَظَمَةِ . فَهذا هُوَ العَيشُ الهَنيءُ وَالحَياةُ الباقِيَةُ ، وهذا مَقامُ الرّاضينَ . فَمَن عَمِلَ بِرِضائي ألزِمُهُ ثَلاثَ خِصالٍ : اُعَرِّفُهُ شُكرا لا يُخالِطُهُ الجَهلُ ، وذِكرا لا يُخالِطُهُ النِّسيانُ ، ومَحَبَّةً لا يُؤثِرُ عَلى مَحَبَّتي مَحَبَّةَ المَخلوقينَ . فَإِذا أحَبَّني أحبَبتُهُ ، وأفتَحُ عَينَ قَلبِهِ إلى جَلالي ، فَلا اُخفي عَلَيهِ خاصَّةَ خَلقي ، فَاُناجيهِ في ظُلَمِ اللَّيلِ ونورِ النَّهارِ حَتّى يَنقَطِعَ حَديثُهُ مِنَ المَخلوقينَ ومُجالَسَتُهُ مَعَهُم ، واُسمِعُهُ كَلامي وكَلامَ مَلائِكَتي ، واُعَرِّفُهُ السِّرَّ الَّذي سَتَرتُهُ عَن خَلقي . 1إرشاد القلوب : 204 ، بحار الأنوار : 77 / 28 / 6 .