3- جريها على اللّه سبحانه بمفاهيمها التصديقية، بعد الإمعان في القرائن الموجودة في نفس الآيات والروايات الصحيحة وأمّا غيرهما، فأكثر ما ورد في ذلك من وضع الأحبار والرهبان الذين دسّوا هذه الأحاديث بين المسلمين بخداع خاص . وعلى ضوء ذلك فالكل قائلون باستوائه على العرش، لكن الطائفة الأُولى يفسرونه بالجلوس والاستقرار على العرش كاستقرار الإنسان على عرشه، الّذي له قوائم أربع. والطائفة الثانية يفسرونه بنفس هذه المفاهيم، ولكن يقولون: استقراراً وجلوساً لائقاً بحاله سبحانه، وعرشاً لائقاً بساحته، فهو مستقر وجالس لا كجلوس الإنسان وله عرش لا كعروشه، بل الكل ما يليق بساحته، من غير تكييف ولا تمثيل. والطائفة الثالثة يفسرونه بالاستيلاء، أخذاً بالقرائن الموجودة في نفس الآيات، وما ورد في كلمات البلغاء والفصحاء في استعمال نظيره في كلماتهم ومحاوراتهم. 4- وهناك طائفة رابعة يقولون بالتفويض، وأنّه ليس لنا تفسير الآية، بل نفوّض معانيها إليه سبحانه . قال الشهرستاني: «اعلم إِنَّ جماعة كثيرة من السلف، كانوا يثبتون للّه صفات خبرية مثل اليدين والوجه، ولا يؤوّلون ذلك، إلاّ أنّهم يقولون: إنَّا لا نعرف معنى اللفظ الوارد فيه، مثل قوله: (الرَّحمن على العرش استوى) ولسنا مكلفين بمعرفة هذه الصفات»(1) . وقال الرازي: «إنّ هذه المتشابهات يجب القطع بأنّ مراد اللّه منها شيء غير ظواهرها، كما يجب تفويض معناها إلى اللّه تعالى، ولا يجوز الخوض في تفسيرها»(2) .
1 . الملل والنحل ج 1 ص 93 بتلخيص . 2 . أساس التقديس ص 223 .